ما الطرف بعدكم بالنوم مكحول - ابن نباتة المصري

ما الطرف بعدكم بالنوم مكحول
هذا وكم بيننا من ربعكم ميل

يا باعثين سهاداً لي وفيض بكا
مهما بعثتم على العينين محمول

هبكم منعتم جفوني من خيالكم
فكيف يمنع تذكارٌ وتخييل

في ذمة الله قلبٌ يوم بينكمُ
موزع ودم في الحب مطلول

شغلتم بصباح الأنس مبتسماً
وناظري بظلام الليل مشغول

كأنما الأفق محراب عكفتُ به
والنيرات بأفقيه قناديل

ما يمسك الهدب دمعي حين أذكركم
إلا كما يمسك الماءَ الغرابيل

ورب عاذلة فيما أكابده
وقلّ ما قيل والتحذير معذول

باتت زخارفها بالصبر واعدةع وما مواعيدها إلاّ الأباطيلص سقيا لعهد الصبا والدار دانية سقط شطرين ص
والشمل مجتمع والجمع مشمول

يفدي الزمان الذي في عامه قصرٌ
هذا الزمان الذي في يومه طول

لم لا أشبب بالعيش الذي سلفت
أوقاته وهو باللذات موصول

لو كنت ارتاع من عذل لروعني
سيف المشيب برأسي وهو مسلول

أما ترى الشيب قد دلت كواكبه
على الطريق لو أنّ الصب مدلول

و السن قد قرعتها الأربعون وفي
ضمائر النفس تسويف وتسويل

حتىم أسأل عن لهو وعن لعب
وفي غدٍ أنا عن عقباه مسؤول

و لي سعاد شجون ما يعب لها
إما خيالٌ وإلاَّ فهو تخييل

أبكي اشتياقاً اليها وهي قاتلتي
يا من رأى قاتلاً يبكيه مقتول

مسكية الخال أما ورد وجنتها
فبالجنى من عيون الناس مبلول

فإن يفح من نواحي خدها عبقٌ
فالمسك فيه بماء الورد مجبول

تفتر عن شنب حلوٍ لذائقه
في ذكره لمجاج النحل تعسيل

مصحح النقل عن شهد وعن بردٍ
لأنه منهلٌ بالراح معلول

و بارق من اعالي الجذع أرقني
حتى دموعي على مرجانه لولو

مذكري بدنانير الوجوه هدى
تحف في فيه عذالٌ مثاقيل

إلى العقيق فهل يا طيب طيبة لي
عقد بلفظي الى مغناك منقول

و هل رأى حامل الرجوى كأني من
شوقي ومن ولهي بالقرب محمول

إن لم أنل عملاً أرجو النجاة فلي
من الرسول بإذن الله تنويل

حسبي بمدحي رسول باب نجاً
يرجى اذا اعترضت تلك التهاويل

أقول والقدر أعلا أن يحاوله
وصل وان جهدت فيه الأقاويل

ماذا عسى الشعراء اليوم مادحة
من بعد ما مدحت حم تنزيل

و أفصحت بالثنا كتب مقدمة
إن جيل في الدهر توراة وانجيل

محمد المجتبي معنى جبلته
وما لآدم طينٌ بعدٌ مجبول

و المجتلى تاج علياه الرفيع وما
للبدر تاجٌ ولا للنجم إكليل

لولاه ما كان أرض لا ولا أفق
ولا زمانٌ ولا خلقٌ ولا جيل

و لا مناسك فيها للهدى شهب
ولا ديارٌ بها للوحي تنزيل

ذو المعجزات التي ما استطاع أبرهة ٌ
يغزو منازلها كلاّ ولا الفيل

إن شق ايوان كسرى رهبة فلقد
جاء الدليل بأن الكفر مخذول

و إن خبا ضرم النيران من زمن
فالبحر منسحب الأذيال مسدول

أوفى النبيين سيفاً واتضاح على
كأنه غرة ٌ والقوم تحجيل

نعم اليتيم اذا عدت جواهرهم
وضمها من عقود الوحي تفصيل

مازال في الخلق ذاجاه وذا خدم
لكن خادمه المشهور جبريل

مبرأ القلب من ريب ومن دنس
وكيف وهو بماء الخلد مغسول

مجاهداً في سبيل الله مصطبراً
على الجراح وبعض الجرح تعديل

في معشر نجبٍ تغزو نبالهمُ
مالا غزت في العدى الطير الابابيل

كأنما نبل ماضيهم وحاضرهم
لها على من بغى سجلٌ وسجيل

مثل الشواطب ان صالوا أو افتخروا
فالحدّ مندلق والعرض مصقول

يطيب في الليل تسبيح لسامرهم
ومالهم عن حياض الموت تهليل

كأنهم لانتظار الفضل بيت ثنا
شخص النبي له معنى ً وتكميل

قوم إذا رقصت فرسانهم طرباً
كأنَّ رايات أيديهم مناديل

الكاتبون من الاجسام ما اعتبرت
سمرٌ وبيضٌ فمنقوطُ ومشكول

حيث الحمام شهي وهو من صبر
يجنى فيا حبذا الغرّ البهاليل

حتى استقام عمود الدين وانفتحت
سبل الهدى وخبت تلك الاضاليل

روح النجاة الذي قد كان يهرع في
أبواب مغناه روح الوحي جبريل

و مفصح حين يروي الصاد من كرم
فللمحاسن ترتيب وترتيل

و جائد لا يخاف الفقر قال ندى
كفيه يا مادحي آلائه قولوا

و ماالاقاويل ان طالت وان قصرت
عروض ما بسطت تلك الافاعيل

حامي حمى البيت بالرعب المقدم ما
ناواه أبرهة ُ العادي ولا الفيل

تضيئ في الحرب والمحراب طلعته
فحبذا في الدجى والنقع قنديل

و قام في ظل بيت الله شائده
فحبذا لنظام البيت تكميل

ذاك الذي نصبت في نحو بعثته
هذي المحاريب لا تلك التماثيل

و فاض من جانب البطحا لكل حمى
صاف بأبيض أضحى وهو مشمول

و كل أرض بها الجناب مزهرة
للمؤمنين فتعجيل وتأجيل

وكل ملة دين غير ملته
تروى فللقابس القسيس قنديل

ولليهودي مع كحل العمى نظر
على المجوسيّ أيضاً فيه نكحيل

حتى أتى عربيٌّ يستضاء به
مهند من سيوف الله مسلول

كم معجز لرسول الله قد خذلت
به العدى وعدوّ الحق مخذول

فاض الزلال المهنى من أصابعه
نعم الأصابع من كفيّه والنيل

وبورك الزاد إذ مسته راحته
فحبذا مشرب منها ومأكول

وخاطبته وحوش البيد مقبلة ً
فالرجل عاسلة واللفظ معسول

وحاز سهم المعالي حين كانَ له
من قاب قوسين تنويهٌ وتنويل

على البراق لوجه البرق من خجل
ورجل مسعاه تلوين وتشكيل

لسدرة المنتهى يا منتهى طلبي
ما مثله ياختام الرسل تحويل

يا خاتم الرسل لي في المذنبين غداً
على شفاعتك الغراء تعويل

ان كان كعبٌ بما قد قال ضيفك في
دار النعيم فلي في الباب تطفيل

وأين كابن زهير لي شذا كلمٍ
ربيعها بغمام القرب مطلول

وإن سميّ بزهير صيغة ً فعسى
يسمو بنبت له بالشبه تعليل

بانت معاذير عجزي عن نداك وعن
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

صلى عليك الذي أعطاك منزلة ً
شفيعها في مقام الحشر مقبول

أنت الملاذ لنا دنيا وآخرة ً
فباب قصدك في الدارين مأهول