خليليَّ ما للبيدِ قد عبقتْ نشْرا - الرصافي البلنسي

خليليَّ ما للبيدِ قد عبقتْ نشْرا
وما لِرُءُوسِ الرَّكْبِ قد رُنِّحَتْ سُكْرا

هل المسكُ مَفْتوقاً بِمَدْرَجَة ِ الصَّبا
أمِ القومُ أجروْا منْ بلنسية ٍ ذكرا

خليليَّ عُوْجا بي عليها فانَّهُ
حديثٌ كَبَرْدِ الماءِ في الكبدِ الحَرَّى

قِفا غيرَ مأمورينِ ولتصديَا بها
على ثقة ٍ للغيثِ فاستقيا القطْرا

بِجِسْرِ مَعانٍ والرُّصافة إِنَّهُ
على القطرِ أنْ يسقي الرصافة َ والجسْرا

بِلادي التي رِيْشَتْ قُوَيْدِيمَتي بها
فريخاً وآوتني قرارتَها وكْرا

مبادىء لينِ العيشِ في ريِّقِ الصِّبا
أَبى اللهُ أَنْ أَنْسى لها أَبداً ذِكْراً

أكلُّ مكانٍ راحَ في الأرضِ مَسْقَطاً
لرأسِ الفَتى يهواهُ ما عاشَ مضطرَّا

ولا مثلَ مدحوٍّ من المسكِ تربة ً
تُمَلِّي الصَّبا فيها حقيبَتَها عِطْرا

نباتٌ كأنَّ الخدَّ يحملُ ذورَهُ
تخالُ لجيناً في أَعاليهِ أَوْ تِبرا

وماءٌ كترصيعِ المجرَّة ِ جَلَّلَتْ
نواحيهُ الأزهارُ فاشتبكتْ زُهرا

أَنيقٌ كريعانِ الحياة ِ التي حلَتْ
طليقٌ كريَّانِ الشبابِ الذي مرَّا

بَلَنْسِيَة ٌ تلكَ الزَّبْرَجدَة ُ التي
تسيلُ عليها كلُّ لؤلؤة ٍ نَهْرا

كأنَّ عَرُوساً أبدعَ اللهُ حُسْنَها
فصيَّر مِنْ شَرْخِ الشبابِ لها عُمرا

تؤبدُ فيها شعشعانية ُ الضُّحَى
إِذا ضاحكَ الشمسُ البحيرة َ والنهرا

تزاحمُ أَنفاسُ الرياحِ بزهرها
نُجُوماً فلا شَيْطانَ يَقرَبُها ذُعْرا

هي الدرَّة ُ البيضاءُ من حيثُ جِئْتَها
أضاءَتْ وَمَنْ للدرِّ أَنْ يُشْبِهَ البَدْرا

معاهدُ قد ولَّت إِذا ما اعتبرتَها
وجدتَ الذي يحلو مِنَ العيشِ قد مرَّا