نُفُوسٌ نَفِيْسَاتٌ إِلىَ القُرْبِ حَنَّتِ - عفيف الدين التلمساني

نُفُوسٌ نَفِيْسَاتٌ إِلىَ القُرْبِ حَنَّتِ
فَلَمَّا سَقَاهَا الحُبُّ بِالكَأْسِ جُنَّتِ

وَكَانَتْ تَمَنَّتْ أَنْ تَمُوتَ صَبَابَةً
فَسَاقَ إِليْهَا الوَجْدُ مَا قدْ تَمَنَّتِ

وَفي الحَيِّ هَيْفَاءُ المَعَاطِفِ لَوْ بدَتْ
عَلى البَانِ كَانَ الوُرْقُ فيْهَا تَغَنَّتِ

عَجِبْتُ لَهَا في حُسْنِهَا إِذْ تَفَرَّدَتْ
لأَيَّة مَعْنىً بَعْدَهَا قَدْ تَثَنَّتِ

شَكَا سُقْمَهُ مُضْنَى هَوَاهَا صَبَابَةً
فَقَالتْ لَهُ أصبِرْ فِي الصَّبَابةِ أَوْ مُتِ

فَمَا عَاشَ إِلاَّ مُغْرَمٌ مَاتَ في الهَوىَ
بِحُبِّي وَهَذَا فِي المُحِبيِّنَ سُنّتِي

سَتَأْتيِكَ مِنِّي قَهْوةٌ إِنْ شَرَبْتَهَا
صَحَوْتَ وَفِي صَحْوِ الهَوىَ كُلَّ سَكْرَتِي

فَلاَ تَمْزِجَنْهَا فَهْيَ بِالْمَزْجِ حُرِّمَتْ
وَلَوْ جُلِيَتْ صِرْفاً عَلَيْهِمْ لَحَلَّتِ

فَإِن هِيَ قَدْ أَفْنَتْكَ سُكْراً فَغِبْ بِهَا
فَمَنْ صَرَّفَتْهُ الصِرْفُ بِالنَّفْي يَثْبُتِ

وَفِتْيَانِ صِدْقٍ كَالنُّجُومِ سَرَوْا عَلَى
رَكَائِبِ عَزْمٍ مَا لَهَا مِنْ أَزْمَّةِ

ذَوِي أَنْفُسٍ لَمْ يَبْرْحِ العِزُّ شَأَنَهَا
رَأَتْ عِزّ لَيْلَى بِالجَمَالِ فَذَلَّتِ

تَوَاصَوْا عَلى حِفْظِ الوَفَا وتَرَاضَعوا
كُؤُوسَ الصَّفَا وَاسْتَمْسَكُوا بِالمَوَدَّةِ

فَنَادَاهُمُ خَمَّارُ دَيْرِ مُدِيرِهَا
فَلَمَّا أَمَاتَتْهُمْ مِنَ السُّكْرِ أَحْيَتِ

فَعَاشُوا بِهَا فِيْهَا علَى حِيْنِ أَسْلَمُوا
إِليْهَا صِفَاتٍ قِيلَ مِنْهَا اسْتُعِيرَتِ

فَمَنْ عَاشَ مِنَّا لَمْ يَنَلْ مِثْلَ نَيْلِهِمْ
وَلَكِنْ مَتَّى تَذْكُرْهُمُ النَّفْسُ حَنَّتِ