بَادِرْ إِلَى رَاعِي الصَّبُوحِ صَبَاحَا - عفيف الدين التلمساني

بَادِرْ إِلَى رَاعِي الصَّبُوحِ صَبَاحَا
واجْعَلِ زَمَانَكَ كُلَّهُ أَفْرَاحَا

وَأجِلِ التَّي تَجْلو هُمُومَكَ في الدُّجَى
حَتّى تَرَى لِظَلاَمِهِ إِصْبَاحَا

يَا طَالبَ الرَّاحَاتِ لَيْسَ يَنَالُهَا
إِلاَّ الَّذِي فِي الرَّاحِ يَجْلُو الرَّاحَا

أَوْ مُغْرَمٌ أَعْطَى الصَّبَابَةَ حَقَّهَا
تَدْعُوهُ صَبْوَتُهُ إِليْهِ كِفَاحَا

نَشْوَانُ مِنْ طَرَبِ الصِّبَا فَكَأَنَّهُ
غُصْنٌ يَميلُ مَعَ الصَّبَا مُرتَاحَا

أَوْ مَا تَرَى عُجْمَ الحَمَائِمِ لَحْنُهَا
قَدْ رَاحَ يُفْصِحُ فِي الهَوىَ إِفْصَاحَا

والرُّوضُ فِي حُلَلِ الجَدَاوِلِ مُشْبِةٌ
حُلَلاَ تُجِرِّدُ فَوْقَهُنَّ صِفْاحَا

وَالرُّيحُ بِالأَنْفَاسِ تَقْصُدُ أَنْفُساً
مَوْتَى فَتَبْعَثُ فَيْهِمُ الأَرْوَاحَا

فَإِذَا لَحَاكَ عَلَى البُرُوقِ وَشَمِّهَا
لاَحٍ وَخِلْتَ الكَأْسَ بَرْقاً لاَحَا

فَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلمُدِيرِ وَغِبْ عَنِ
الَّلاحِي تَرَى منْ حَالَتَيْكَ نَجَاحا

لَوْ لَمْ يَكُنْ في السُّكْرِ إِلاَّ فُرْقَةُ
اللاَّحيِ فَوَصْلُكَ قَهْوَةً وَمِلاَحَا

أَوَلَيْسَ صَحْوَكَ دَأْبُهُ مِنْ شَأْنِهِ
أَنْ يَجْمَعَ العُذَّالَ وَالنُّصَّاحَا

فَاجْعَلْ مَكَانَ الصَّحْوِ سُكْراً تَجْتَلِي
مِنْ خَمْرِكَ الأَحْدَاقَ والأقداحا

أَنَا مَنْ تَجِرْتُ مَعَ الغَرَامِ مُجَرِّباً
فَوَجَدْتُ كُلَّ تِجَارَتِي أَرْبَاحَا

وَرَأَيْتَني غَنَّيتُ مِنْ طَرَبِ الهَوَى
وَأَخُو التَّسَلِّي بِالتَّشَكِّي بَاحَا

وَرَأَيْتُ لَيْلَى أَسْفَرَتْ فَكَحَلْتُ مِنْ
أَلْحَاظِهَا مُقَلاً مُلِئْنَ جِرَاحَا

وجَلاَ ظَلاَمِيَ نُورُهَا فَكَأَنَّمَا
أَهْدَتْ إِلىَ ظُلُمَاتِهَا مِصْبَاحَا

فَرَأَيْتُ إِذْ شَاهدْتُ مِنْ أَجْفَانِهَا
المَرْضَى مَعَانٍ في الجَمَالِ صِحَاحَا

فَغَدَوْتُ نَشْوانَ المَعَاطِفَ أمْلأُ
الأَكْوَانَ مِنْ طَرَبِ الوِصَالِ مِرَاحاً