مالي على شرفي ورفعة شان - لسان الدين الخطيب

مالي على شرفي ورفعة شان
وعظيم أنصاري وعز مكاني

لعب الغرام بمهجتي وجنان
عجبا يهاب الليث حد سنان

وأهاب لحظ فواتر الأجفان

أصبحت في أمر الهوى متعجبا
أهدي إلى الأعداء باسا صيبا

وأرى الردى في الحرب عذبا طيبا
وأقارع الأهوال لا متهيبا

منها سوى الأعراض والهجران

أخفيت سري في الضلوع مكتما
حتى وشى دمعي به وتكلما

وأصاب سهم اللحظ قلبي إذ رمى
وتملكت نفسي ثلاث كالدما

بيض الوجوه نواعم الأبدان

أطلعن من غرر الحجال الباهر
أقمار حسن تحت سود غدائر

وسفرن عن مثل الصباح السافر
ككواكب الظلماء لحن لناظر

من فوق أغصان على كثبان

من كل ناظرة بعيني جؤذر
مختالة في الحلي ذات تبختر

تعطو كخوط البانة المتناظر
هذي الهلال وتلك بنت المشتر

حسنا وهذي أخت غصن البان

لما غدوت بحبهن معذبا
وعلمت أني لم أصادف مهربا

وإذا دعوت لسلوة قلبي أبي
حاكمت فيهن السلو إلى الصبا

فقضى بسلطان على سلطان

عجبا لأجفان ضعيفات القوى
تركنني رهن السقام بلا دوى

لولا الهوى أنحى على جبل هوى
لا تعذلوا ملكا تذلل للهوى

ذل الهوى عز وملك ثان

مالي وغصن العمر غض ما ذوى
والشمل لا تدنو إليه يد النوى

أطوي الضلوع على الصبابة والجوى
إن لم أطع فيهن سلطان الهوى

كلفا بهن فلست من مروان

أخلدت طوعا للهوى وإنابة
ولئن نحلت ضنا وذبت كآبة

فلقبل ما علق الوليد حبابة
ما ضر أني عبدهن صبابة

وبنو الزمان وهن من عبدان