قفا فاسألا في ساحة الأجدع الفرد - لسان الدين الخطيب

قفا فاسألا في ساحة الأجدع الفرد
معالم محتها الغمائم من بعد

وجرت عليها الراسيات ذيولها
على أنها تزداد طيبا على البعد

وعوجا عليها فاسألا عن أنيسها
وإن كان تسآل المعالم لا يجدي

ولكنها نفس تجيش ونفثة
تورح من بث وتطفىء من وجد

مرابع ألا في وعهد أحبتي
سقى الله ذاك العهد منسكب العهد

وجاد به من جود كف محمد
ملث همول دون برق ولا رعد

وإن أحق الغيث أن يروي الثرى
لغيث زكي صاب من منشأ المجد

إمام هدى من آل سعد نجاره
ونصر الهدى ميراثه لبني سعد

غمام ندى جاد البلاد فأصبحت
تجرر ذيل الخصب والعيشة الرعد

وفرع زكي من أصول كريمة
حكاها كما قد الشراك من الجلد

فتلحظ من أنواره سورة الضحى
وتحفظ من آثاره سورة الحمد

من النفر الوضاح والسادة الألى
يغيثون في الجلى ويوفون بالعهد

محمد قد أحييت دين محمد
وأنجزت من نصر الهدى سابق الوعد

طلعت على الدنيا بأيمن غرة
أضاء بها نور السعادة في المهد

وكم رصدت منا العيون طلوعها
فحقق نصر الله في ذلك الرصد

هنيئا لملك فاتحتك سعوده
وعز على الأيام منتظم العقد

وعقدة ملك كان ربك كالئا
لها وأصل السعد يغني عن الجد

جمعت بها الأهواء بعد افتراقها
فقد كان فيها الضد يأنس بالضد

أمولاي هذا الأمر جد وإنما
يليق به من عامل الجد بالجد

ودونكها من ناصح الجيب مخلص
وصية صدق أعربت لك عن ود

أفض في الرعايا العدل تحظ بحبها
وحكم عليها الحق في الحل والعقد

وما من يد إلا يد الله فوقها
ومن شيم المولى التلطف بالعبد

فكن لهم عينا على كل حادث
وكن فيهم سمعا لدعوة مستعد

وأنت ثمال الله فابسط نواله
إذا بسط المحتاج راحة مستجد

وأوجب لأرباب السوابق حقها
ولا تمنع المعروف من لك من جند

هم الحد في نحر العدو وهل ترى
دفاعا لمن يلقى العدو بلا حد

وشاور أولي الشورى إذا عن معضل
فمن أعمل الشورى فما ضل عن قصد

وكن بكتاب الله تأتم دائما
هو الحق والنور المبين الذي يهدي

ألا لا يرع منا الزمان عصابة
موكدة الميثاق مرهفة الحد

تقابل أمر الله بالبشر والرضا
وتلقى الذي ترضاه بالشكر والحمد

وتخلف فيمن خلفته ملوكها
برعي الذمام الحر والحفظ للعهد

وما هي إلا أنفس مستعارة
ولا بد يوما للعواري من رد

غنينا عن البحر الذي غاض بالحيا
وعن كوكب العلياء بالقمر السعد

حياة جناها الدهر من شجر الردى
سريعا ووجدان تكون عن فقد

وسيفان هذا سله الدهر ماضيا
صقيلا وهذا رده الدهر في غمد

وقت ملكك المحروس من كل حادث
عناية من يغني عن الآل والجند

ودونكها من بحر فكري جواهرا
تقلد في نحر وتنظم في عقد

ركضت بها خيل البديهة جاهدا
وأسمعت آذان المعاني على بعد

فجاءت وفي ألفاظها لفف الكرى
سراعا وفي أجفانها سنة السهد

وإني وإن أطنبت فيك لقاصر
ومن ذا يطيق الرمل بالحصر والعد