أنا يا أنت - محمد الأمين سعيدي

تـَلوّن داخِلِـــــــي زَمَنـــًا وغابَا
وألبَسَنِي جنونـــــــًا واضطِرابَا

وهاجَمَ أحْرُفــًـا حَمَلَتْ جراحي
مخضّبة ً فَحمّلهــَــــــا التِهـَــــابَا

مرايَــــــاهُ تراءَتْ فِــي سمائي
لتعكِسَ عبْرَهَا مُدُنِــــي سَرَابَا

أطلّ عليّ مِــنْ فوق المعـــانِي
ليفتحَ حُزْنَهَــــــا وَسَطِـي كِتابَا

فوَجْهِي حيـــــنَ يذكـره خراب ٌ
يُبعثِرُ فــــــــي نواحيـه الخَرَابَا

أطلّ عَلـَـــيّ مــن فوقي وألقى
عليّ هواجسَ الدنيـــــــا وغابا

كأنِّي مـِـــنْ معانيـــــهِ دُخـَــانٌ
يُطـَـــارِدُهُ ليُخبرَنـِــــي الجَوَابَا

أنا يــــــا أنتَ أحلامي تلاشتْ
فقل لــــــي أيّنــــا ذاق العذابَا؟

أنـــــا يـــا أنتَ أكواخي لهيب ٌ
وكــــلّ مدائني صــارتْ يَبابَا

بحَارُ الهَمِّ تـَـــاهتْ في بحاري
وليلُ الحُــــــزْن ألبسَهَا حِجَابَا

وأمواجُ الهوى رَكِبتْ جنـُونِي
فذابـَـــــتْ فـِـــي مآسيــهِ وذابا

تلبّـــدَتِ الجراحُ بكـــــــلّ أفق ٍ
وحـَـاكَتْ مِنْ جراحاتي سَحَابَا

وأمْطَرَتِ الهلاكَ بكـــــلّ قلـب ٍ
لتـُنْبـِتَ فــي براريــــه العقـابَا

حروف الشِعْـرِيسْكنُها صهيـلٌ
من الآلام يظطرِبُ اظطـرَابَا

أنا يـــــا أنتَ مـــا نفعُ القوافي؟
إذا ظلـَّتْ تجرّعُنـَـــــــا اكتئابَا

حَمَلتُ الشِعْرَ فانْخنقتْ عُروقي
وراحَ الدمْـــعُ ينسكبُ انسكَابَا

وضَاعَتْ في مسافـــاتي سنونٌ
تزيدُ الجَمْرَ مِن قلبـــي اقتِرَابَا

أنا يـــــا أنتَ حاربَني ظلامـي
وحوّلَ كـــــــلّ أشواقي ضَبَابَا

وطاردَ موْطنَ الأسرارِ عبري
وفتـَّحَ صمتـَـه بـَــــابـــًـا فبَابَا

أنا يــــــا أنتَ لا تنس العذابا
فحزنُك بَعْدُ مـَـــــا بلغ النِّصَابَا

ولا تُرْسِلْ فـَـمَ الأحْزَانِ نحْوي
ولا تعْصُرْ مُعَانــَــــاتي شَرَابَا

ولا تخْلعْ ثِيابَكَ فـِـــي سرِيري
ولا تنسِجْ حَمَاقـَــــــــاتي ثِيَابَا

وحَاذِرْ أنْ تسكّعَ فــــي بلادي
فكلُّ شوارعــــي وَلـَدَتْ ذِئابَـا

تقاتلتِ المواجـــــــعُ والمآسي
فكان القلبُ من ركِبَ الصِعَابَا

وهاجَمَني جنُونــــي كلّ حينٍ
فكنــــتُ أردّه دوما مُصـَــــابَا

وكان الحُبُّ في لغتي خروجا
يُحوّلُ كــــلَّ مألـــوفٍ عُجَابَـا

وكان الشعرُوالإحساسُ جمرا
إلى الإحراقِ ينتسبُ انتِسَـــابَا