إيراق يوغل في محجر ذاكرتي - أحمد اللهيب

(1)
... ودخلتُ أسواقَ المدينةْ،
في غفلةٍ من أهلها،
وحملتُ أوراقي التي لطختُها بأنينِ ذاكرتي...
وأسكنتُ الحروفَ منابتَ العينين تنبشُ في دمي .
حُزني هناك.
وغناءُ أَنمُلتي يموءُ على ضجيجِ الصّمتِ حينَ أورقَ في ضياءِ الحُزنِ... يركضُ بينَ أوردتي ويصرخُ في المساءِ : ولا صدى .
(2)
أنوارُ حارتِها شحوبُ الموتِ أزهرَ في ربيعِ الخُطوةِ الأولى...
فألقتْ ليلها في القلبِ واندثرَ الضياء.
استوقفُ الذكرى، وفي الشّباك جوعٌ أبيضُ البسماتِ يؤويني إلى وهْمٍ ينازعُ خوفَه الأبديّ .
فركنتُ رأسي بين نهديْ ومضِ ذاكرتي .
تنثالُ بالأحلامِ – يا قدري الذي قد كانَ حياً واستحالَ إلى فضاء - .
(3)
الحزنُ، والليلُ الطويلُ، وأنةٌ خرساءُ لا تحكي الذهول،
والحلمُ يلمعُ من بعيد...
وجعُ انتظار .
فتبسّمتْ جدرانُها موبوءةً بالشّوقِ يغزونِي ويمنحُني الضّياع .
يا للمدينةِ! كيفَ تعبرُني رياحُ المستحيل...
أنا هنا،
لا عبرتي نامتْ على مهدٍ نسيتُُ حكايتي فيهِ ولا صوتٌ يُبددُ لوعتي .
(4)
أوقفتُ أنفاسي ( صهيلَ الحزن )، يا قمراً مضى،
ورحيقُه في مقلتيّ تساقطتْ ثمراتُهُ وجعاً ...
وشيئاً لا يزالُ مُحدقاً بينَ الجَوانحِ : لا جواب.
بوحٌ يُهاجرُ فيّ، يسكبُ قهوةَ الذّكرى، ويرشفُ من بقايا ...
فنجانِها، ويراقصُ القطراتِ تخبو فتسكنُني المرارةُ كالحلاوةِ في انبثاقِ الشوقِ يُمسكُ في يديْه خيوطَ أُغنيةٍ تبوحُ : ألا إياب ؟.
(5)
وخرجتُ منها خائفاً أترقبُ الجُدرانَ تُنْبِئُني الرحيل...
حقائبي يغتالُها ألمٌ، ويلذعُني الحنينُ،
وفي المدينةِ قاتلٌ وأنا القتيل !.
*
- 9 / 2 / 2005م