مسافات الوجد في حضرة الغياب - أحمد اللهيب

(1)
حينَ أبْصرني في الطريقِ وحيدا
قال لي :
إذا ضمّك الحزن حيناً
وعدت غريباً
ستحمل أيقونة الرملِ
تغرسها في الفضاء
وتمضي
تجاوزت راحلة العمرِ
وها أنتَ في الراجلة .
(2)
كنتَ يوما
إذا هبت الريح تلقاء قلبك
نامت على وجنتيك
أناشيد ريانة بالحنين
فيلمع من تحت حاجبك الحزن
تطارد شيئا خفياً
وتمضي
وحيداً بلا قافلة .
(3)
ثم أوقفني عند باب له
وأنشدني :
ويل هــذا الشجن
عمره مـــــــا سكن
يمتطــــــــــي حــلمه
طامحا مــــــا وهن
كلّـــــــــما عـــــــاده
مركب الشوق أن
فهــــــــو في دهره
عاشـــــــــق للحزن
كل مـــــــــــا شفّه
ما طوى من شجن
(4)
ثمّ أمهلني بعض شوقٍ
وأردفني دمعةً
ثم أنزلني قاب حزنين منه
وقرّبني.
قال لي :
إن حرفك نزفٌ
ونزفك جرحٌ
وجرحك أغنيةٌ شرّدتها الأماني
وأرهقها سفر
وفنجان ليلك تومض في رشفهِ حسرةٌ
فيمتد حزنك نوراً
وترميك رائحة الذكريات
وتنساب روحك أمنية تائهة.
(5)
ثمّ ودعني
وألصق في كبدي أنةً
وغلّف قلبي
بسجادة الصّمت
وقال: أرح صهوة القلب حينا
على مخدع الضحكات
وإيّاك إيّاك
أن ينبش الحزن
ذاكرة سادرة.
(6)
ثمّ ودعني مرة ثانية
عند باب له
ألفُ قفلٌ
ونافذة واحدة
وقبلني عند مفترق الحزن
وكسا خاطري
لوعة حائرة !.