أيَا رَاكِباً، نَحوَ الجَزِيرَة ِ، جَسرَة ً - أبو فراس الحمداني

أيَا رَاكِباً، نَحوَ الجَزِيرَة ِ، جَسرَة ً
عُذَافِرَة ً، إنّ الحَدِيثَ شُجُونُ!

مِنَ المُوخَداتِ الضُّمَّرِ اللاّءِ وَخدُها
كَفيلٌ بحَاجَاتِ الرّجالِ ضَمِينُ

تحملْ إلى "القاضي" سلامي وقلْ لهُ :
ألا إنّ قَلْبي، مُذْ حَزِنتَ، حَزِينُ

و إنَّ فؤادي ، لافتقادِ أسيرهِ ،
أسِيرٌ، بِأيْدِي الحادِثَاتِ، رَهِينُ

أحاولُ كتمانَ الذي بي منَ الأسى
وَتَأبَى غُرُوبٌ ثَرّة ٌ وَشُؤونُ

بِمَنْ أنَا في الدّنيا عَلى السّرّ وَاثِقٌ،
و طرفي نمومٌ ، والدموعُ تخونُ

يضنُّ زماني بالثقاتِ ؛ وإنني
بسري ، على غيرِ الثقاتِ ، ضنينُ

لعلَّ زماناً بالمسرة ِ ينثني ؛
وعطفة َ دهرٍ باللقاءِ تكونُ

ألا لا يَرَى الأعداءُ فِيكَ غَضَاضَة ً،
فللدهرِ بؤسٌ ، قدْ علمتَ ، ولينُ

و أعظمُ ما كانتْ همومكَ تنجلي ،
وأصعبُ ما كانَ الزمانُ يهونُ

ألاَ ليتَ شعري ـ هل أنا الدهرَ ، واجدٌ ـ
قريناً ، لهُ حسنُ الوفاءِ قرينُ ؟

فأشكو ويشكو ما بقلبي وقلبهِ ،
كِلانَا، عَلى نَجوَى أخِيهِ، أمِينُ

و في بعضِ منْ يلقي إليكَ مودة ً
عَدوٌّ، إذا كَشّفتَ عَنهُ، مُبِينُ

إذا غَيّرَ البُعْدُ الهَوَى فَهَوَى أبي
حُصَينٍ مَنِيعٌ، في الفُؤادِ، حَصِينُ

فَلا بَرِحَتْ بِالحَاسِدينَ كَآبَة ٌ،
وَلا هَجَعَتْ لِلشّامِتِينَ عُيُونُ