ألا فاسقِني خمراً، وقل لي: هيَ الخمرُ، - أبو نواس

ألا فاسقِني خمراً، وقل لي: هيَ الخمرُ،
ولا تسقني سرّاً إذا أمكن الجهرُ

فما العيْشُ إلاّ سكرَة ٌ بعد سكرة ٍ،
فإن طال هذا عندَهُ قَـصُــرَ الـدهــرُ

و ماالغَبْنُ إلاّ أن تـرَانيَ صـاحِـيا
و ما الغُنْـمُ إلا أن يُتَـعْـتعني الســكْرُ

فَبُحْ باسْمِ من تهوى ، ودعني من الكنى
فلا خيرَ في اللذّاتِ من دونها سِتْر

ولا خيرَ في فتكٍ بدونِ مجانــة ؛
ولا في مجونٍ ليس يتبعُه كفرُ

بكلّ أخي فتكٍ كأنّ جبينَه
هِلالٌ، وقد حَفّتْ به الأنجمُ الزُّهرُ

و خَمّـارَة ٍ نَبّهْتُـها بعد هـجْعـَـة ٍ ،
و قد غـابت الجوزاءُ ، وارتفعَ النّسـرُ

فقالت: من الطُّرّاق ؟ قلنا : عصابة
خفافُ الأداوَى يُبْتَغَى لهُم خمرُ

ولا بدّ أن يزنوا، فقالت: أو الفِدا
بأبْلَجَ كالدّينَارِ في طرفهِ فَتْرُ

فقلنا لها: هاتِيهِ، ما إن لمِثْلِنا
فديناك بالأهْـلينَ عن مثل ذا صَبــرُ

فجـاءَتْ بهِ كـالبَدْرِ ليلَة َ تـمّــهِ ،
تخالُ به سحراً، وليس به سحْرُ

فقُمنـا إليه واحداً بعدَ واحِـدٍ،
فكـان بهِ من صَـومِ غُـربتنـا الفِــطــرُ

فبِتنا يرانا الله شَرَّ عِصابة ٍ،
نُجَرّرُ أذْيالَ الفُسوقِ ولا فَخْرُ