وَاشْرَبَنْها كأنّها عينُ ديكٍ، انْسَ رَسْمَ الدّيارِ ثمّ الطُّلولا، - أبو نواس

وَاشْرَبَنْها كأنّها عينُ ديكٍ، انْسَ رَسْمَ الدّيارِ ثمّ الطُّلولا،
واهجُرِ الرَّبعَ دارِساً ومَحيلا

هل رأيتَ الدّيـارَ رَدّتْ جواباً ،
وأجابتْ لـذي سُـؤالٍ سُـؤولا

وَاشْرَبَنْها كأنّها عينُ ديكٍ،
يَطرُدُ الْهَمّ طَعمُها، والغَليلا

هيَ إذْ ما تَغَـلْغَلَتْ في عرُوقي ،
عَـجّلَ الهَمُّ عَن فـؤادي الرّحيـلا

ونَديمٍ مُساعدٍ، غَيرِ نِكْسٍ،
حَيثما ملْـتَ مـالَ مَعْـكَ مميـلا

رَنّحَتْـهُ الكُؤوسُ بالصّرْفِ حتى
خَرّ منها على الْجَبينِ تَليلا

قـلتُ لمّا بَـدَتْ تَباشيـرُ صُـبْـحٍ ،
هتكَتْ في دُجى الظّلامِ الذّيولا

فشَكـا شـدّة َ الخُمـارِ عـلَيْـهِ ،
وتَـلَـكّـا لأخْـذِ كـأسٍ قـليـــلا :

فمْ بنَفسي أقيـكَ مِنْ كـلّ سـوءِ ،
فـاصْـطَبِخْهـا مُـدامَـة ً، مَشمُـولا

قلتُ : خُـذهـا لكيْ يـزُولَ التّشَـكّي
فبِها يُصبِـحُ الخُـمـارُ قَتيـلا

فاسْتَوَى قاعِداً، وأبْرَزَ كَفّاً
لم تَـزَلْ راحُهـا لراحٍ حَمُـولا

وتَـغَنّـى على المـدامِ ثــلاثـــاً :
أزجـرِ العينِ أن تبكّـي الطّـولا ...