أعْـطَتْكَ رَيحــانَهَـا العُــقــارُ ، - أبو نواس
أعْـطَتْكَ رَيحــانَهَـا العُــقــارُ ،
و كــانَ مـن لَيْـلِكَ انْـسِــفــارُ
فـانْعَـمْ بـهـا قبْلَ رائِـعــاتٍ
لا خمْرَ فيها، ولا خُمارُ
و وقّرِ الكأسَ عن سفِـيــهٍ ،
فإنَّ آيِينَها الوقارُ
تُخُـيّـرَتْ ، والنجـومُ وَقْـفٌ
لم يتَمكّنْ بهَا الْمَدارُ
فلمْ تزَلْ تأكُلُ اللّيالي
جُـثْمـانَهــا مـا بـهـا انْـتِـصـارُ
حـتى إذا مـاتَ كلّ ذامٍ ،
و خُلّصَ الـسـرّ والنّـجَــــارُ
عــادَتْ إلى جَـوْهَـرٍ لَطيفٍ ،
عِيَانُ موْجودهِ ضِمَارُ
كــأنّ في كـأسِها سَــرَاباً ،
تُخِيلُهُ المهمَهُ القِفَارُ
كــأنّهـا ذاكَ ، حينَ تـزْهَى ،
لـو لمْ يَـشُبْ لـوْنَهـا اصْـفــرَارُ
لا ينزِلُ الليلُ حيثُ حلّتْ،
فَـلَيْـلُ شُــرّابِـهـا نــهـــارُ
حتى لوِ اسْتُودِعَتْ سِرَاراً
لم يخْفَ في ضَوْئها السّرَارُ
مـا أسكـرتْـني الشّمــولُ ، لكِـنْ
مــديرُ طــرفٍ به احْــوِرَارُ