لك الحمد اللهم ما نزل القطر - ابن مشرف

لك الحمد اللهم ما نزل القطر
وما نسخ الديجور من ليلنا الفجر

وما هبت النكبا رخاء وزعزعا
على نعم لا يستطاع لها حصر

فمن ذلك الفتح المبين الذي له
تهلل وجه الدين وابتسم الثغر

تفتح أبواب السماء لمثله
ويعلو بسيط الأرض أثوابها الخضر

فناهيك من فتح به أمن الفلا
وأسفرت البلدان وابتهج الحضر

تسامى به نجد إلى ذروة العلا
وأسفر وجه الخط وافتخرت هجر

لقد سرنا ما جاءنا من بشارة
فزالت هموم النفس وانشرح الصدر

لدن قيل عبد الله أقبل عاديا
يقود أسودا في الحروب لها زأر

ورئيس به سيما الخلافة قد بدت
وفي وجهه الإقبال والعز والنصر

فصبح قوما بالصبيحية اعتدوا
وقادهم للبغي من شأنه الغدر

فروى حدود المرهفات من الدما
كما قد روت منها المثقفة السمر

فغادر قتلى يعصب الطير حولها
ويشبع منها النسر والذيب والنمر

قبائل عجمان ومنهم شوامر
ومن لحسين ينتمون وما بروا

وطائفة مرية غير عذبة
خلائقها بل كل أفعالها مر

أساءوا جميعا في الإمام ظنونهم
فقالوا ضعيف الجند في عزمه حصر

نغير على بلدانه ونخيفها
ليعرفنا الوالي وينمو لنا الوفر

فإن لم نصب ما قد أردنا فإنه
صفوح عن الجاني ومن طبعه الصبر

وما أنكروا في الحرب شدة بأسه
ولكن بتسويل النفوس لها غروا

وقد قسموا الإحساء جهلا بزعمهم
لعجمانها شطر وللخالدي شطر

أماني غرور كالسراب بقيعة
يرى في الفلا وقت الضحى أنه بحر

كذبتم فهجر سورها الخيل والقنا
ومن دونها ضرب القماحد والأسر

ومن دونها يوم به الجو مظلم
أسنتنا والبيض أنجمه الزهر

فقل للبوادي قد نكثتم عهودكم
وذقتم وبال النكث وانكشف الأمر

فعودوا إلى الإسلام واجتنبوا الردى
وإلا فلا يؤويكم السهل والوعر

وننذركم من بعدها أن من عصى
فأفسد أو شق العصا دمه هدر

فمن لم يكن عن غيه الوحي زاجرا
له كان في ماضي الحديد له زجر

تهن بهذا النصر يا فيصل الندى
فقد تم للإسلام والحسب الفخر

وهذا هو الفتح الذي قد بنى لكم
مكارم يبقى ذكرها ما بقي الدهر

وهذا هو الفتح الذي جل قدره
وقد كل عن احصائه النظم والنثر

فقابل بحمد الله جدواه مثنيا
على الله بالنعما فقد وجب الشكر

ولا تبن للأعراب مجدا فإنهم
كما قيل أوثان لها الهدم والكسر

إذا أودعوا النعماء لم يشكروا لها
وإن رمت نفعا منهم أبدا ضروا

فوضع الندى في اليد ومطغ ومفسد
فاصلحهموا بالسيف كي يصلح الأمر

وبالعدل سس أمر الرعية واحمهم
عن الظلم كي ينمو لك الخير والأجر

وألف بني الأحرار في زمن الرخا
تجدهم إذا الهيجاء شدت لها الأزر

ولا الذخر جمع المال في السلم للوغى
ولكن أحرار الرجال هم الذخر

ودونك نظم بالنصائح قد زها
كما أن نظم العقد يزهو به الدر

وختم نظامي بالصلاة مسلما
على المصطفى ماهل من مزنه القطر

كذا الآل والصحب الأولى بجهادهم
سما وعلا الإسلام وانخفض الكفر