لا تَحْزَنَنَّ لفُرقة ِ الأقْرانِ، - أبو نواس

لا تَحْزَنَنَّ لفُرقة ِ الأقْرانِ،
وَاقْـرِ الفُـؤادَ بمُـذْهِـبِ الحـزانِ

بمصُـونـة ٍ قد صانَ بهْجَة َ كأسِها
كُنّ الخدُورِ ، وخـاتَمُ الدّنّـانِ

دقّتْ عن اللحظاتِ، حتى ما ترى
إلاّ التِماعَ شُعاعِها العيْنانِ

وكأنّ للذهب المذُوبِ بكأسِها
يحـراً يجيشُ بأعيـنِ الجيتـانِ

ومُزَنَّرٍ قد صبّ في قارورَة ٍ
ريقَ السحابِ على النجيع القاني

شَمْسُ المـدامِ بِكَـفّـهِ وبـوجهِـهِ
شمْسُ الجمالِ فـبيْنَنـا شمسـانِ

والشمسُ تطلعُ من جِـدارِ زُجاجـها
وتغيبُ ، حين تغيبُ ، في الأبـدانِ

في مجْلسٍ جعلَ السرورُ جَناحَـهُ ،
سِـتْـراً لَـه من ناظـر الحِـدثـانِ

لا يَـطْـرُقُ الأسْماعَ في أرْجائِـهِ ،
إلاّ ترنّمُ ألْسُنِ العِيدانِ

أو صـوْتُ تصْـفيـقِ الجليسِ تطرّباً ،
وبَـكاءُ خابيـة ٍ ، وضِـحْكُ قَنـاني

حتى إذا اشتملَ الظلامُ ببُرْدِهِ،
وهَـكّذا حنين ُنـواقـسُ الـرّهْـبـانِ

ألفيتُهُ بدْراً يلُوحُ بكَفّهِ
بدْرٌ، جمعتهما لعين الرّاني

مازِلْتُ أشـرَبُ كأسهـم من بينِـهمْ
عَمْـداً ، وما بيَ عجْـزَة ُ النَّـشْـوانِ

لأنالَ منهمْ عند ذاكَ تَحِيّة ً
إمّا بوجْهٍ، أو بطَرْفِ لسانِ!