وعُودِ كرْمة ِ كَرْخٍ - أبو نواس

وعُودِ كرْمة ِ كَرْخٍ
زوّجْتُها مــاءَ وادِ

فَلَمْ يـزَلْ يضعتَلـيـها ،
بمُسْقِياتِ الغَوَادي

حتى إذا استَهَلّتْ بسُثودٍ
مسهّّداتٍ جِـعـــادِ

فمُهّدَتْ في دِنَانٍ،
سَقْياً لها من مِهادِ

حـتّى إذا مـرّ دّهــرٌ
لــهــا أتــاهــا عِــبــادي

وقد تناهتْ، وصارتْ
كمثلِ قَبْسٍ الزّنــــادِ

فجاءهَا مُسْتَعِدّاً
كالحارث بن عبادِ

قد لفّفَ الكُمّ مـــنــه
كنازع لــلــقـتـــــادِ

فسلّ منها بزَالاً،
فسالَ مثْلُ الفـــصــادِ

إلى قَنــــانٍ تــــلالا
مُدَمْلَجاتِ القِلادِ

فأذهلتْني عَقْــلي ،
و اسْتَأثَرَتْ بفُؤادي

واخترْتُ إخوَة َ صِدْقٍ
من خيرِ هــذي العِبــادِ

شريفٌ ابنُ شريف؛
جوادٌ ابنُ جوادِ

والْهــوا نــهــاراً وليــلاً
إلى نداء الْمُنادي

و نَفّروا الليْـلَ عنــكُــمْ
بلذَّة ٍ وسُهَادِ

فقلتُ : لــذّوا ! بنفسي
أفديكمُ وفؤادي

و ناقلوا الكأسَ ظَبْياً
ما يرتعي في البــوادي

لكنْ بديوان يَحْيَى
بفيـهِ لـطْخُ مِـدَادِ

تخالُهُ ذا رُقــادٍ ،
وما بهِ من رُقادِ

ما زالَ يسقي ويُسقَى ،
حتى انثنَى لـلمُـرادِ

وانْسـابَ نـحوي يُغَنّي
مُطرِّباً وينادي:

سُقيتَ صَوْبَ الغــوادي
يا منزِلاً لِسُعَادِ