لمثل ذا الخطب فلتبك العيون دما - ابن مشرف

لمثل ذا الخطب فلتبك العيون دما
فما يماثله خطب وإن عظما

كانت مصائبنا من قبله جللا
ما لآن جب سنام المجد وانهدما

سقر ثرى حله شيخ الهدى سحب
من واسع العفو يهمي وبلها ديما

شيخ مضى طاهر الأخلاق متبعا
طريقه المصطفى بالله معتصما

بحر من العلم فاضت جداوله
لكنه سائغ من ذوق من طعما

تنشق أصدافه من البحث عن درر
تهدي إلى الحق مفهوما وملتزما

فكم قواعد فقه قد أبان وكم
أشاد رسما من العليا قد انثلما

نص إلينا العلا والبر مصرعه
والعلم والفضل والإحسان والكرما

هذي الخصال التي كانت تفضله
على الرجال فأضحى فيهم علما

فليت شعري من للمشكلات إذا
ما حل منها عويص يبهم الفهما

وللعلوم التي تخفى غوامضها
على الفحول من الأحبار والعلما

ومن للأرامل والأيتام إن كلحت
غبر السنين وأبدت ناجزا خدما

لو كنت أملك إذ حانت منيته
دفعتها عنه لكن حم ما حتما

فقل لمن غره من دهره مهل
فظل يمري بحال الصحة النعما

لا تستظل غفوة الأيام أن لها
وشك انتباه يرى موجودها عدما

إن الحياة وإن طال السرور بها
لابد يلقى الفتى من مسها ألما

فخذ لنقلتك الآتي المصير لها
زادا فما الحق الباقي بمن قدما

لابد من ساعة يبكي عليك بها
تدري بمن قد بكى أو شق أو لطما

أما ترى الشيخ عبد الله كيف مضى
وكان عقدا نفيسا يفضل القيما

عشنا به حقبة في غبطة فأتى
عليه ما قد أتى عادا أخا أرما

وقبله اختلست ساما وإخوته
أيدي المنون وأفنت بعدهم أمما

لهفي عليه ولهف المسلمين معي
لو أن لهفا من لاهف سدما

ولهف مدرسة بالذكر يعمرها
ومسجد كان فيه ينثر الحكما

الله أكبر كم باك وباكية
وحائر كاظم للقيظ قد وجما

وفجعة الدين والدنيا لمصرعه
وفرحة الناس والإسلام لو سلما

لكنه مورد لا بد وارده
من يعتبط شارخا أو من وهى هرما

عمري لقد غرنا من دهرنا خدع
من حيث لا يعلم المخدوع أو علما

يقودنا نحوها التسويق أو طمع
من مضمحل قليل مغضب ندما

والعمر والعيش في الدنيا له مثل
كالظل أو من يرى في نومه حلما

كل يزول سريعا ولا ثبات له
فكن لوقتك يا مسكين مغتنما

ليس البكاء وإن طال العناء به
بمرجع فائتا أو مطفىء حزما

فالله ينزله عفوا ويرحمه
فإنه جل قدرا أرحم الرحما

ثم الصلاة على من في مصيبته
لنا العزاء إذا ما حادث عظما

محمد خير مبعوث وشيعته
وصحبه ما أضاء البرق مبتسما