وبـلـدة ٍ فـيـهـا زَوَرْ، - أبو نواس

وبـلـدة ٍ فـيـهـا زَوَرْ،
صـعــراءَ تـخطي في صَـعَـرْ

مرْتٍ، إذا الذئْبُ اقتَفَرْ
بها من القوْمِ الأثَرْ

كان له من الْجُزُرْ،
كلّ جنينٍ ما اشتكَرْ

ولا تَـعَـلاّهُ شَـعَـــرْ
ميْتُ النَّسا، حيّ الشَّفَرْ

عسَفْـتُهـا عـلى فـَـطَـرْ ،
يـهـزّهُ جِــنّ الأشَــرْ

لا مُـتَشَــكٍّ مـن سَــدَرْ،
ولا قــريـبٌ مـنْ خَــوَرْ

كأنّهُ بعد الضُّمُرْ،
وبـعـدَ مـا جـالَ الضُّـفُــرْ

وراحَ فَـيْءٌ فَـحَـسَــرْ،
جأتَ رُبَاعِ الْمُثّغَرْ

يحْـدو بحُقْـبٍ كـالأكَــرْ ،
تَــرى بـأثْـبَــاجِ القُـصُـرْ

منهـنّ تـوْشـيمَ الجُــدَرْ ،
رَعَيْنَ أبْكارَ الْخُضَرْ

شـهْـرَيْ ربيـعٍ وصـفــرْ ،
حتى إذا الفحْـلُ جَـفَــرْ

وأَشْـبَــهَ السّـفْـيُ الإبَــرْ ،
ونشّ إذْخــارُ النُّـقَــرْ

قلْنَ له ما تأتمِرْ،
وهـنّ إذْ قُـلْـنَ أشِــــــرْ

غير عَواصٍ ما أمَرْ،
كأنّها لمنْ نَظَرْ

وَكـبٌ يَـشيـمـون مـطَــرْ،
حتى إذا الـظلّ قـصُــرْ

يـمّـمْـنَ من جنْبَـي هَـجَــرْ
أخضرَ، طمّامَ العكرْ

وبين إخْفاقِ القَترْ
سارٍ، وليسَ للسمَرْ

ولا تِلاواتِ السوَرْ
يمْـسَـحُ مشـرْنَــانـاً يُـسُـرْ

زُمّـتْ يـمشـزورِ الـمِــرَرْ
لامٍ كحلْقُومِ النَّغَرْ

حتى إذا اصْــطَـفّ السَّـطَرْ
أهْدى لهَا لوْ لمْ يُجرْ

دهْـيـاءَ يحْـدوهـا الـقـــــدَرْ ،
فـتـلك عيْـني لم تــذرْ

شِبْهاً، إذا الآلُ مَهرْ،
إلـيْـكَ كـلّـفْـنـا الـسّـفَــرْ

خــوصـاً يـجـاذين النُّـخَـرْ،
قـد انـطـوَتْ منهـا السُّـررْ

طيَّ القراريّ الحِبَرْ،
لـم تَـتَـقَـعّـدْهـا الــطِّـيـَـــرْ

ولا السنيـحُ المـزْدَجَـرْ ،
يـافـضــلُ للقـوْم الـبُــطُـرْ

إذ ليس في الناس عَصَرْ،
ولا من الــخــوْفِ وَزَرْ

ونــزلتْ إحــدى الكُــبَـرْ،
وقِيلَ صمّاءُ الغِيَرْ

فالناسُ أبناءُ الحذَرْ،
فــرّجْـت هـاتيـكَ الغُــمَـرْ

عنّـا ، وقـد صــابـتْ بِـقُـرْ ،
كالشمس في شخص بشَرْ

أعْلى مجاريكَ الخطَرْ،
أبوكَ جَلّى عن مُضَرْ

قامَ كريماً فانْتَصَرْ
و الخــوْفُ يقْــري ويــذَرْ

لـمـا رأى الأمـرَ الـذًّكــرْ،
مـاحسّ من شيءٍ هـبَـــرْ

وأنْتَ تَقْتافُ الأثَرْ
مـن ذي حُـجــولٍ وغُـــرَرْ

مُعيدُ وِرْدٍ وصَدَرْ،
وإنْ عَلا الأمرَ اقتدَرْ

فـايْنَ أصْـحابُ الغُـمــرْ ،
إذ شَرِبوا كأس المِقَرْ

أصْـحَـرْتَ إذ دبّـوا الخَـمـرْ
شـكــراً ، وحرٌّ من شـكــرْ

فالله يُعْطِيكَ الشّبرْ،
وفي أعاديكَ الظّفَرْ

والـلـهُ من شــاء نـصَــرْ ،
وأنتَ إن خفْـنـا الحَصَــرْ

وهــرّ دَهْـرٌ وكَـشَــرْ
عن نـاجِــذَيْـهْ ، وبَــسَــــرْ

أغـنيـتَ مــا أغـنـى المــطرْ
وفيكَ أخلاقُ اليَسَرْ

حتى ترَى تلكَ الزُّمَرْ
تـهْـوي لأذقــــانِ الثّغــــرْ

من جذْبِ ألوَى لو نترْ
إليـهِ طــوداً لا نــأطَـــرْ

صعْباً، إذا لاقى أبَرْ،
وإن هـفـا الـقـوْمُ وقـــرْ

أو رهبوا الأمْرَ جَسَرْ،
ثمّ تسَامَى فَفَغَرْ

عن شِقشِقٍ ثمّ هدَرْ،
ثمّ تَجَافَى فَخَطَرْ

بذي سِبيبٍ وعُذْر،
يـمـصَـعُ أطــرافَ الإبَـرْ

هل لك، والْهَلُّ خِيَرْ،
فـيمـنْ إذا غِـبْتَ حَـضَـرْ

أو نالك القومُ أثَرْ،
وإن رأى خـيـراً نَــشَـــرْ

أو كان تقصيرٌ عَذَرْ