دوحةُ الإرهاب المقدّس - جاسم محمد الصحيح

في رحاب معركة بدر
***
يا (بدرُ).. شاخ على الجهاد غبارُ
وانحلّ من ألوانهِ البتّارُ
وهوت على السفحِ العقيمِ قوادمٌ
لم يجرِ فيها نبضُكِ الجبّارُ
وَثَبَتْ لتقتحمَ السماءَ ولم تكُنْ
تدري بأن وثوبَها غدَّارُ
حتّى إذا المدُّ العتيدُ تهرّأت
عزَمَاتُهُ وتعثّـر التيَّــار
طُفنا ببئركِ نستدرُّ رمادهـا
لهبَـًا بت تتجنَّحُ الأحجــارُ
طُفنا بِهـا.. وإذا بمنبعها الذي
من صُلبِـهِ يتدفّقُ الثُّــــوّارُ
أثَرٌ يُفتَّشُ عن قريحـةِ شاعــِرٍ
تُشجِيــهِ حيــن تُشَيَّـــعُ الآثــارُ
***
يا (بدرُ).. مرثاةُ الطلولِ حكايةٌ
شمطاءُ منهــا تأنفُ الأشعــارُ
عودي كأَوَّلِ ما انطلقتِ رشيقــةً
يختالُ في وثَباتـــك المضمــارُ
وتقمّـصي جُرحَ البطـــولةِ إنّـــهُ
جُرحٌ بــه يتأنّــقُ الأحـــرارُ
واستنفِــري وهَجَ الإباءِ بأُمّــةٍ
ما عـادَ يُلهِـــبُ شوطَــهَا اسْتنْفَـارُ
ها نحنُ أوردةٌ مُكبّلةُ اللظى
تنمو بها نارٌ لِتُوأَدَ نــارُ
نتَرصَّــدُ الفِكَـر الغِضَابَ وكُلَّمـا
حَبِلَـتْ وقِيــلَ: سيُولــد الإعصـارُ
فَضَحَ المخَاضُ رجاءَنـا فاسْتَـيْـأَسَتْ
روحُ الحيــاةِ وحاضَــتِ الأفكـارُ
فنعودُ نبتكــرُ النواحَ لِرَشوَةِ الــ -
أقدارِ.. لكنْ ترفـضُ الأقــدارُ
***
يا (بدْرُ).. بئرُكِ مُذْ تنفّسَ جمْرُهـا
بالحقِّ أمــسَتْ تُخنَــقُ الآبـــارُ
ومُذِ الدُّهورِ السافيات تراكمتْ
في جوفها وأُهيْلتِ الأوزارُ
ما زال يصرخُ قاعُها متأمِّلاً
أنَّ الرُّكامَ يُزيلُـهُ الحفَّــارُ
يا (بدرُ).. لم تعدِ السواعدُ مثلما
كانتْ يُدَجِّجُ نبضَها الإصرارُ
أسَفِي على ذكراكِ..باتَ شروقُها
طيفًا تنوءُ بحَمْلِهِ الأنظـارُ
ما خانها حلمُ الشعوبِ وإنَّمـا
نفَرٌ على حُلْمِ الشعوبِ أغاروا
فصَحَتْ على شبحِ الهَوانِ، يُعِيُنا
نغَمَـًا بهِ تَتَزخرَفُ الأوتارُ
واهتزَّ (مؤتمرُ السلام) برقصَةٍ
هَيْفاءَ أدمَنَ حوْلَها السُمَّــارُ
كان الظلام نديمُهم، حتى إذا
سئِمُــوهُ نابَ عنِ الظلامِ نَهـَــــارُ
وتحلَّقُوا حيثُ (القضِيَّـةُ) عُرِّيَتْ
وانحلَّ عن خصـْرِ المُجونِ إزارُ
وتلاقَفُوهَـا.. يا لَصرخةِ حُــرَّةٍ
عذراءَ طوَّقَ جانِحَيْها العَــارُ
(تَتَـأمْرَكُ) النَشَواتُ بين عُرُوقِهِم
ويمُـوتُ فِيهـا (يَعْـرُبٌ) و(نـزارُ)
وسَيَهرَمونَ على حُثالةِ حانةٍ
بِشَبابِــها يتَـغَــزَّلُ الخَمّـارُ
يا (بــدْرُ).. أيَّـةُ عِزَّةٍ عربِيَّـةٍ
لم يَسْتَبِـحْ حُرُمَـاتِهــا (الدُولارُ)
ذاكَ الَّذي سَلَبَ الجِراحَ إبَاءَهـا
حتَّى تأنَّثَ في الرِّجــالِ، الثَّــارُ
ومَضَــى يُشِيْـدُ بِكُلِّ كَفٍّ أنْكَتَتْ
شَرَفَ السُيُوفِ وشَاقَهَـا (القِيْثَـار)
فَتَـرِقُّ في فَمِـهِ الخناجـِرُ زَهْـرَةً
وبِكَفِّـهِ (تَتَخَنْـجَـرُ) الأزهَــارُ