في حضرة السيد الوجع - جاسم محمد الصحيح

وأنا أتيتُكَ كالمُريدينَ الأوائلِ
سابحاً في يقظة الاشواقِ
دَلَّهْتُ المدَى
ورَهَنْتُ للوَلَهِ المسافةَ ..
هذهِ كفاَّيَ تبتهلانِ بالرعشاتِ
والمأساةُ عمقٌ في صلاتي
فَانهضْ لِنكملَ حلقةَ الوجدِ الحزينةَ ..
لم يزلْ شلَّالُ تقواكَ المنوَّرُ
يسكبُ الرؤياَ
ويكشفُ بعضَ سرِّ الكائناتِ
النورُ فكرتُكَ العليَّةُ
ماخَبَتْ أبداً ..
و رأسُكَ مهرجانُ كواكبٍ يحرُسْنَ ليلَ القافياتِ
منْ أيّ قافيةٍ تسلّلَ ذلك القَدَرُ الذي خَطَفَ الأصابعَ من يديكَ
وسارَ في جهةِ الشتاتِ
يا أيّها الضوءُ المعذّبُ
ها هنا في حضرة الوجعِ التقيْناَ
كُنتَ أنت تُدَوْزِنُ الأوتارَ بالحُمَّى
و تصعد باليقين تلالَ وَجْدِكَ ..
تلَّةٌ أخرى و تبلغُ قمَّةَ أالاشراقِ في جبلِ التجلِّي ..
فجأةً هطلتْ عليكَ الريحُ
وارتطمَ الهواءُ بجبهةِ القنديلِ..
فاندلعَ الظلامُ على الزجاجةِ
وانزوَى عُنُقُ الفتيلةِ فوق أكتافِ الجهاتِ
و دخلتَ في غيبوبة الضوء الطويلةِ
مثل خاطرةٍ معلَّقةٍ بأهدابِ الحياةِ
مازال في قلبِ الزجاجةِ من حنيِن الزيتِ
ما يكفي لِنُوغِلَ عبر دائرةِ الحقيقةِ
فاشتعلْ يا أيّها الضوءُ المقدّسُ ..
لا تَدَعْناَ في الهوامشِ..
شُدَّنا نحو النواةِ
ما سِرُّ صمتكَ..
هَلْ (وصلتَ) فلم يعدْ للنُطْقِ ذوقٌ ..
أمْ ملكتَ أَعِنّةَ الرؤياَ
فضيَّقتَ العبارةَ حدَّ هذا الصمتِ..
فاحَتْ جُبَّةُ المرضِ التي تكسوكَ بالاشعارِ
وارتبكَ الشذَى:
هلْ يمرضُ الشعراءُ الاّ حين تبتدئُ القصيدةُ ..
فالقصيدةُ عِلَّةٌ خضراءُ .. فاقعةُ الصفاتِ
عَصَرَتْ شرايينَ الحروف وعَذَّبَتْ مُهَجَ اللغاتِ
عُدْ للنبوءةِ ..
فاليراعُ هُوَ الممرِّضُ في مَشافي الوَحْيِ
يملأ دورقَ النجوَى بِترياقِ الدَوَاةِ
عُدْ للقُرَى
وانظرْ الى سقفِ المساءِ هناكَ
يثقبهُ أنينُ الساقياتِ
عُدْ للمُريدينَ الأوائلِ
مثل معجزةٍ بِلون العشقِ ..
إنَّ العشق نبعُ المعجزاتِ