تخذتكُمُ دِرعاً وتُرساً لتدفعوا - ابن الرومي

تخذتكُمُ دِرعاً وتُرساً لتدفعوا
نِبَالَ العدا عنِّي فكنتُمْ نصالَها

وقد كنتُ أرجو منكُم خيرَ ناصرٍ
على حينِ خذلان اليمين شِمالها

فإنْ أنتُمُ لم تحفظوا لمودّتي
ذِماماً فكونوا لاعليها ولالها

قفوا موقفَ المعذورِ عنّي بمعزلٍ
وخلّوا نبالي والعِدا ونبالها

فكم مِن أعادٍ قد نصلْتُ رُماتَها
وكم من رجالٍ مااستَنْبَتُ اعتزالها

وماأوْحشتْني وِحدة ٌ معْ مذلَّة ٍ
إذا الحربُ صفتْ خيلَها ورجالها

هي النفسُ إمّا أن تعيش بغبطة ٍ
وإلا فغنمٌ أن تزولَ زوالها

عفاءٌ على ذكرِ الحياة ِ إذا حمتْ
على المرءِ إلا رنْقها وسِمالها

قُلْ لمنْ ألبسَ الجمالَ جمالا
بالمعاني وهيبة ً وجلالا

أيُّها البدرُ لاتزل في كمالِ ال
أمرِ بدراً وفي النَّماءِ هِلالا

كيفُ كانتْ عُقْبى اقتصادكِ كانت
صحة ً مستفادة ً واندِمالا

واعتدالاً مِنَ المزاجِ كما أُو
تيتَ في الخُلْقِ والخلاق اعتدالا

فعلَ اللَّهُ ذاك أنك مازل
تَ المرضِيَّ ماارتضى فعَّالا

ياعليّ المكانِ لا يتعالى
كوضيعٍ مكانُهُ يتعالى

شكرَ اللَّهُ بذلكَ القُربِ للنا
سِ وإغناءَ فضلكَ السؤالا

ماتزالُ القريبَ من كلّ عافٍ
يشتكي خلة ً ويشكو هزالا

ولعمري لئنْ قربْتَ لقاءً
ونوالاً لقد بعُدتَ منالا

ولقد أوجبتْ عليك يد اللَّ
ه حقّ أنْ تُحسنَ الأعمالا

شُكرَ أنْ فضَّلتْك مرأى ً ورأياً
ومحلاًّ حتى فضلتَ الرجالا

جعل اللَّهُ طينة َ الناسِ صلصا
لا وأجراكَ سائحاً سلسالا

وبحقي أقول فيك بأني
لم أجدْ موعدَ المُنى فيك آلا

لمْ تزلْ مانحي سؤالاً وطوراً
مانحي عِشرة ً أراها نوالا

عِشرة ً تملأُ القلوبَ نسيماً
ونعيماً ونخوة ً واختيالا

ونوالا يُنيلُني كلّ سؤلٍ
ويقيني الخضوعَ والتسآلا

فمتى ماأردتُ كنتَ جنوباً
ومتى ماأردتُ كنتَ شمالا

وتمامُ اليد استماعُكَ فضلاً
من كلامي لا يُعجبُ العُذَّالا

إنما الحسنُ نسخة ٌ فيكَ خُطتْ
بيدِ اللَّهِ فامتثلها امتثالا

وامتثالُ الجميلِ مافي حُلاه
نسخُهُ من جمالهِ الإجمالا

لك نفسٌ وطينة ٌ لاتُذمَّا
نِ فشبِّه بجوهرَيْكَ الفعالا

شاكراً إنْ غدوتَ مُعطى ً قَبُولا
واقتبالاً مقابِلاً إقبالا

ولما قلتُ هذه مستزيداً
صلة ً مستجدة ً بل وِصالا

واعتذاري من امتياحِيكَ ذنبٌ
فأقِل عثرتي عمرتَ مُقالا

قد لعمري أتَيْتُ جرماً عظيماً
باعتذاري وقد أسأت المقالا

واعتذاري من اعتذاري بوجهٍ
أنت أعديتَهُ الحياءَ الزُّلالا

فغدا يكثُرُ امتياحكَ في اليو
مِ وأمسى يبُلُّني إخضالا

عهدُ كفّى بفضل كفيكَ عهدٌ
يمنعُ السائل الملحَّ السؤالا

غيرَ أني أرى الجوائزَ وبْلاً
وأرى الرزقَ ديمة ً وظلالا

فاترٌ دائمٌ وجَمٌّ مُخلٌّ
وأخو الحزمِ يكرهُ الإخلالا

واجتماعُ الرّفدينَ فهْو محالٌ
عند قومٍ ولن تراهُ محالا

وقليلٌ يدومُ أرْجى وأحجى
بمقلّ ينفِّلُ الأنفالا

أنا عبدٌ عدوتُ طوري وأصبح
تُ كأني لاأعرفُ الإقلالا

وأدلَّتْ خليقتي وبناني
حين صادفتْ حاملاً إدلالا

كلّما جُدتَ لي تبعتُك في الجو
دِ فبدَّرتُ يمنة ً وشمالا

ليس إلا لأنّ نفسي تُريني
كلَّ شيءٍ بجود كفيْك مالا

وكذا أنتم لكم كلَّ يوم
مستنيلٌ إذا أُنيلَ أنالا

تمنحونَ اللُّهَى وتَغْذُوننا الجو
دَ فينثالُ بالعطايا انثيالا

فارتَهنْ خِدمتي بإجراءِ جارٍ
أرتضيهِ كفاية ً واتصالا

والذي أرتضيه جزءٌ صغيرٌ
ولك السؤددُ العظيمُ احتمالا

فأزِح عِلَّتي فإن كفافي
يمنعُ العذرَ مَنْ أرادَ اعتلالا

إن مقدارهُ متى تزِنُوهُ
تجدوه من إلفكُمْ مثقالا

قلَّ مقدارُ ماسألتُ من الرز
قِ وإنْ هَوَّلَ احتكامي وهالا

ومتى شِئْتَ أنْ تزيدَ فماذا
يمنعُ الغيثَ أن يُسحَّ السّجالا

أو يردُّ الفراتَ أو يردعُ السَّي
لَ إذا وافقَ المسيلَ فسالا

ليس في وسع قُوَّتي منعي المف
ضالَ في دولة ِ الغِنى الإفضالا

ياحيا سحَّ مُزنُه الوابلَ الهطا
لُ أرْدفْه دِيمة ً مِهطالا

ياغياثي إذا استرثتُ غِياثي
وثمالي إذا فقدتُ الثمالا

إن ذاك الكمالَ فيك غريمٌ
يتقاضاك في الأيادي الكمالا

والعطايا مجدداتٌ لكفي
كَ فجدّدْ لغرسِ كفيكَ حالا

آل وهب هنَّيتُمُ هبة اللَّ
هِ فما زلتُمْ لها أشكالا

لكم هيبة ٌ تشرّدُ بالأسْ
دِ وعدلٌ يستنزلُ الأوعالا

قلتُ إذ رُدَّتِ الأمورُ إليكُم
نزل الملكُ دارهُ المحلالا

كانتِ الأرضُ ظُلمة ً وحروراً
أوسعا الناس فتنة ً وضلالا

فاخترعتم من الذكاءِ شُموساً
وابتدعتمُ من السماح ظلالا

قد نظرنا بأعينٍ صافياتٍ
صادقاتٍ إذا مُخيلٌ أخالا

فوجدنا فُضولكم صفواتٍ
ووجدْنا فضول قومٍ فضالا

كم رجاءٍ فيكم أثار جِمالاً
وعطاءٍ منكم أناخَ جِمالا

لابرحتُم مؤمَّلينَ مُنيلي
ن نَوالاً يحقّقُ الآمالا

يرتجي فضلكمْ مرجٍّ ويتلو
علَّكُم بالفواضِلِ الإنهالا

فتشدُّونَ لابنِ بؤسَى رِحالاً
وتحطونَ لابن نُعمَى رحالا

إنْ تكونوا علوْتُمُ وعلا النا
سُ فلستم وغيركمْ أمثالا

سادة ُ الناسِ كالجبالِ وأنتُمْ
كالنجوم التي تفوقُ الجِبالا

يمَّمتْ ربْعكم حُداة ٌ خِفافٌ
من رياحٍ تُزْجي سحاباً ثِقالا

مَنْ يخَفْ من زوالِ نُعمى عليه
آل وهبٍ فلن تخافوا زوالا

عشقتْ نعمة ُ الإله أخاكُم
وفتاهُ فما تريدُ الزَّيالا

في أبي القاسم المحبَّب والقا
سم مايمنعُ المَلُلَول الملالا

لم نجد عاشقاً إذا عَدَل المع
شوقُ في حُكمِهِ يريدُ انتقالا

إنْ رأت نِعمة ٌ نظيرَ أخيكم
وابنَه فلْتبدّلِ الأبدالا

لستُ ألحَى ألية ً حاسديكُمْ
غيرَ أني أقولُ طِلقاً حلالا

جُعِلتْ تلكم الخدودُ نعالاً
لكُمُ الدهر إن صلُحنَ نِعالا

ليَ منكم موالَي اللَّه مولى ً
مثلُهُ إن حكاه مثلٌ يُوالى

ماوجدناهُ للرَّغائبِ مُحتا
لا وإن كان للعُلا محتالا

قاسمٌ قاسمُ العطايا الصفايا
زادهُ اللَّه بالعلا استقلالا

سائلي عن أبي الحسين بدا الصب
حُ فأغنى أن تستضيء الذُّبالا

ذاكَ شخصٌ مهيأُ لاختيالٍ
وهْو يختالُ أن يُرى مختالا

ذو عقودٍ أبَيْن إلا انعقاداً
وحقود أبيْن إلا انحلالا

فترى عِرضَهُ عليه مصُوناً
وترى ماله عليه مُذالا

ولما المرءُ صائناً بكريم
أو يُرى المرء صائناً بدَّالا

تمَّ ذاك الجمالُ والحسنُ فيه
بخلالٍ لم تشكُ منها اختلالا

عيبُ تلك الخِلالِ إن لم يملَّحْ
نَ بعيبٍ يكون فيهنَّ خالا

مالها عُوذَة ٌ سوايَ فإنّي
أردعُ العينَ أنْ تُصيبَ الجمالا

هاكَها والهاً إليك عروبا
تتثنَّى رشاقة ً ودلالا

لم أقُلْ هاكها لشيءٍ سوى العا
دة والشّعْرُ يركبُ الأهوالا

منطقٌ يطرحُ الكُنى ويسَمّي
منْ يُكنَّى ولا يُبالي مُبالا

جاهليٌّ كما علمتَ ولكِنْ
لاتراه يعاملُ الجُهَّالا

واعتدادي عليك بالمدح شيءٌ
جعلَ العقل دونَهُ لي عِقالا

ليس للمدحِ في معانيكَ إلا
أنه زادَ نُورَهُنَّ اشتعالا

أنت كالسيفِ ماؤُهُ منه والشع
رُ يدا صيقل تُجيدُ الصّقالا

والذي يكتسى بك الشعرُ أسْنى
مِن سناهُ عليك لاإشكالا

وأبْسُط العُذرَ في اختصارِ وليٍّ
لم يخف من إطالة ٍ إملالا

لاولا خال أنَّ حقك يقضى
بيسير وذاك مالنْ يخالا

حاشى لله أن إخالك تستث
قلُ مما يزينك الأثقالا

بل متى لم تكن تحبُّ وتهوى
من أماديح مادحيكَ الطوالا

أم متى لم أرَ الكثيرَ قليلاً
لك بالحقّ نية ً وانتحالا

غيرَ أنّي إذا بلغتُ مُرادي
لم أزِدْ فيه بعد ذاكَ قِبالا

فأردتُ اقتصاص حالي فلمْ أُلْ
قِ إلى غيرهِ من القول بالا

لو قصدتُ المديحَ في هذه الط
بة ِ ماطلْتُكَ الجراءَ مطالا

قائلاً كلما فعلتَ وأفعا
لُك لاشكَ تغمُرُ الأقوالا

غيرَ أني أقولُ حتى يرى اللّ
هُ مضاهاة َ قوليَ الأفعالا

ثم إني أقولُ من بعدِ هذا
إنك الواحدُ العزيزُ مِثالا

قال وجدْتُ الكعوبَ من قصبٍ
مختارُها شدة ً أسافلُها

أفِرْقَة ٌ وافقتْك طاعتها
أمْ عُصبة ٌ فُضّلتْ غراملُها

قلْنا له لمْ هواكَ في سفلِ النا
س وشرُّ الأمورِ سافلُها

مُعاملٍ كلَّ عُصبة ٍ سفلتْ
ولا ترى عِلْية ً يُعاملها

وطائفٍ باستِهِ على طبقٍ
يبغي لها حَرْبة ً تُطاولُها

ومقالي بطول قدْري ولو قُلْوطائفٍ باستِهِ على طبقٍيبغي لها حَرْبة ً تُطاولُهامُعاملٍ كلَّ عُصبة ٍ سفلتْولا ترى عِلْية ً يُعاملها قلْنا له لمْ هواكَ في سفلِ الناس وشرُّ الأمورِ سافلُها أفِرْقَة ٌ وافقتْك طاعتهاأمْ عُصبة ٌ فُضّلتْ غراملُها قال وجدْتُ الكعوبَ
تُ مقالي بطول قدْرِك طال

واسْتُ الفتى سِفْلة فغايتُها
ووكدُها سِفلة يُشاكلها