أندلسيات - زياد آل الشيخ

1
جئتُ يوماً فصار شهراً وعاما
كان حرباً فصار شعري سلاما
كنتُ طفلاً تلحَّف الليلَ حتى
قرأ الشعر للنَّدامى وناما
كنتُ مداً، فجئتَ أرضاً، وكنتَ
الشمسَ تحصي وتكشفُ الأياما
كنتَ موالاً...
لا يزال الخليجيُّ يغنيهِ في الحجاز مقاما
في يديكَ المصباحَ ترمي عمودَ النورِ
كالرمحِ إذ رميتَ الظلاما
ما أراك المودع اليوم لكنْ
قد أراني أودعُ الأحلاما
2
نخلةٌ أم مدينةٌ تحمل الحبَّ
وبستانٌ يزرعُ الأقلاما
جئتنا بالزهورِ و النورُ برقٌ
ومددتَ اليدين كأساً مداما
وملأتَ الدواةَ حبراً وصغتَ
الشعرَ لحناً. كما أردنا تماما
ودخلتَ القلوبَ فتحاً مبيناً
فسُقِينا مودةً أعواما
وكشفتَ السماءَ عنَّا غطاءً
فانطلقنا على يديك حماما
3
منذ عام سلَّمتني الأقلاما
بعد عامٍ حمَّلتني الأعلاما
فأضأتَ النيران لي من بلادٍ
لبلادٍ كنتَ فيها الإماما
و تقدَّمتني يدٌ في يدٍ
كنت صديقاً وكنتَ درعاً حساما
ولوائي عقدتَهُ بيميني
و قبضتُ المدادَ منك زِماما
كنتُ في الخلف و الأمام أمامي
فلماذا تركتَ خلفي الأماما؟
4
أيُّها الراحل الذي لا يبالي
أين ترسو به الليالي سلاما
حَكِّم الشوقَ إن أردت لذكرانا
كلاماً يردُّ فينا الكلاما
واجمع الأيامَ التي جمعتنا
واحمل الذكرى في يديك وساما
وتوشَّح بكلِّ شعر كتبنا
وتذكَّر مجالساً ومقاما
من خيولِ المساء سرجاً
ومن نور روابينا معطفاً ولثاما
خذ ليالي نجدٍ وغيم عسيرٍ
وعيون الأحساء و الدَّمَّاما
خيمةٌ في ظلالها خَبَّأتنا
وحديثٌ يسكِّن الآلاما
5
يا رحيلَ السواحل استبق ِ حيناً
لبكاء المرجان حينٌ ترامى
هكذا..
هكذا ترجلتَ ليلاً
لترشَّ النَّدى وتطوي الخياما
إنني و الظهران نبكي سوياً
ويداها تمد نبتَ الخزامى
أي أمرٍ رحلتَ عنَّا إليه
شاقكَ النيلُ أم مللتَ الكراما
يا أبا ياسر إلى أينَ تمضي
ولمن يا تُرى تركتَ اليتامى