يا حادي الركب - سعود الصاعدي

ما هزّ قلبي لا وجدٌ ولا غزلُ
ولا رمته بألحاظ الهوى مُقلُ

ذاك امرؤ القيس يبكي في الثرى دِمناً
وتلك أفئدة العشاق يا طلل

ما الحبُ إلا أحاديثٌ منمّقةٌ
قد حاكها من قميص الليل من غفلوا

ولا الصباباتُ إلا خدُ فاتنةٍ
تصوغها عن أحاديث الهوى القُبَلُ

سحقاً لمن مجده في وصلِ غانيةٍ
تكسو مفاتنها الأثواب والحللُ

***
***

لكن في أضلعي شوقاً أكابدهُ
وليس تسعفُ إلا الشاعرَ الجملُ

يا حادي الركب في درب العلا شرُفتْ
بك المعالي ودرب الدين متصلُ

لم يثنِ سيرك في البيداء ذو ظفر
ولا ثنى العزم لا يأسٌ ولا مللُ

سر فالمطايا بها شوقٌ يسيّرها
وفي النفوسِ أزيز الشوق يشتعلُ

سر في رحابٍ إلى الرحمن ما بقيتْ
بك السنون وما أبقى بك الأجل

سر واطّرح كلَّ أرزاء الهوى، فلنا
يلوحُ في سبسب الديجورة الأملُ

لا تهمل العيس دعها فهي جامحةٌ
ما صدّها في المسير الوهنُ والكللُ

وإن تبدّت لك الأضواء في بلدٍ
به الحطيم فقل : يكفيك يا جملُ

وإن رأيت شعاع البيتِ مؤتلقاً
يفيض بالنور والأرواحٌ تبتهلُ

فاقصد بنا البيت واروِ غلّتي كرماً
من ماء زمزم فهو الطاهرُ الزللُ

وسر بنا في شعابِ نام سالكها
لعل عيني بأرض الطهر تكتحلُ

***
***

يا حادي الركب ما كلّت عزائمنا
ولا تولّت بنا الأهواء والمللُ

فليس إلا هدى الرحمن غايتنا
وليس إلا الذي قالت لنا الرسلُ

جئنا نلبّي نداء الحق تسبقنا
قلوبنا فهي للرحمن تمتثلُ

جئنا فأرواحنا قد حلّقت شرفاً
إلى السماء فلا بدرٌ ولا زحلُ

يا قاصد البيت طب نفساً برؤيتهِ
ويا حجيج بلاد الله فابتهلوا

تعطّلتْ لغة الأقوال فانهمري
بالدمع عند مقام الركن يا مقلُ