طارقة السحر - سعود الصاعدي

..لاتعذليه فقد أودى به الأرِقُ
ولا تلومي مُحبّا ضمّه الغَسَقُ!

..طغت عليه بنات الفكر،وانفتقت
قريحة الشعر؛فالأبيات تستبقُ!

..تناثرت في طروسٍ من صحائفه
كما تناثر فوق السبسب الغَدِقُ!

..تفتّقت منه أزهار الرُبى وبكت
بمدمع الشوق في أكمامها الحُدُقٌ

..لاتعذليه ففي أحشائه ألمٌ
يروي سباسبه ما ضمّه الورقُ

..ولاتقولي:رفيق الليل في كبَدٍ
فهل تداوي سجين الأحرف الخِرَقُ؟!

..دعيه حتى إذا ما ديمةٌ هطلت
لينبت الفلّ والريحان والحَبَقُ

..ولاتقولي فتىً تغريه فاتنةٌ
غيداءُ ينضح منها الطيّبُ العَبِق

..ظريفةٌ كاعبٌ في ثغرها بَرَدٌ
تبدي سناه لُماها وهي تنفتق

..حوراءُ تنفث سحرا من محاجرها
ميّاسة القدّ يهواها الفتى النَزِقُ

..دعيه يرفُ لبيت الشعر أرديةً
يزهو بها، فهو في الظلماء محترقُ

..فمن شواظ ضياءٍ لاح مؤتلقا
من القريحة ،بيت الشعر يأتلق

..دعيه حتى ينام البدر في غسقٍ
فقد شواه وحيداً قلبُهُ الحَرِقُ

..دعيه حتى ولو مالاح شاطئه
فلا يُلامُ إذا ما طمّه الغرقُ

..فتىً يصوغ من الأيام قافيةً
تدكّ من بزلال الحق قد شرقوا

..فليس في قلبه للعشق خردلةٌ
وفي سويدائه الآلام تصطفق

..لم تُصبِهِ في الهوى ألحاظ غانيةٍ
كما صبت قبله قوماً فلم يفقوا

..يراقب النجم لاعشقا يسامره
ومابه دَنَفٌ أو قلبه خَفِق

..لم يبق للعشق إلا رسمُ دارسةٍ
في عُوج أضلاعه والصدر مختنق

..فعوّذيه من الدنيا،فلو بقيت
لذي ثراءٍ لما أزرى به المَلَق

..فتىً تحسّى كؤوس الشعر مترعةً
فما تبقّى له من راحها رَمَق

..إذا تثنّت بثوب التيه أحرفه
فما عليه إذا ما ثوبُهُ خَلِقُ

..لو كان يمشي وفي أسماله تَفَلٌ
ففي محيّاه يطوي ليلَه الفلقُ

..يفتضّ بكر معانٍ غاب خاطبها
وردّه عن هواها العيُّ والغَلَقُ

..فهي الصبوح إذا ماشاء صبّحها
وهي الغبوق إذا ماشاء يغتبق

..إذا نواعس ذات الحسن ترمقه
بنظرةٍ تجعل الألباب لا تفِق

..فليس في لبّه من طرفها أثَرٌ
ولو تطاير منه الشائك المَرِقُ

..أقضّ مضجعه خودٌ تسامره
وما تصرّم منها حبلها الوَثِق

..خريدةٌ تطرق الألباب موهنةً
متى ينام بعسعاس الدجى الخَرِق

..صُداقها من نثار الدرّ يخطبها
من الدهاقنة الغوّاصة اللبِقُ

..ومَن يراعته إن سلّها جَذِلاً
تبسّمت شفةٌ قد حاكها القلق

..وإن براها غضوبا أمطرت شهبا
يكاد منها بياض الطرس يحترق

..إذا تلاها محبٌّ قد سلا رجعت
له الصبابة واستهواه من عشقوا

..وإن تنفّس ريّاها ذوو خوَرٍ
إذا الوطيس غشى ،لم يثنهم فَرَقُ

..وإن تلاها أسارى الحزن لاح لهم
وميضُ برقٍ بقفر البيد فانطلقوا

..وتملأ الكون أنغاما معتّقةً
يشدو بها للزمان الشاعر الحَذِقُ