زلزال الشعر - صالح سعيد الهنيدي

ما للمَشاعرِ خَطوُها متعثّرُ
ونشيدُها بين الجوى متحجّرُ ؟!

هرِمت فما عادتْ ترتّل لحنها
للحَالمين بروضَةٍ لا تثمر

كانت تموسق من أحاسيس الهوى
شعرًا على أنغامها يتبخترُ

(الشعر) يا هذي العبارة مالها
تدنو، فتبعُد، تُستقلُّ فتكثرُ

تصحو فتغفو ، تستفيق فتنجلي
تخبو فتُشعَلُ ، تستطيل فتصغرُ

تسمو فتعذب ، تُستغلُّ فتنزوي
تلهو فتَحزِم ، تُستباحُ فتَسترُ

تَسقي فتَروي ، تُستفزُّ تثور كال
بركان تخمد تستحثُّ فتأسِرُ

تُبكي فتُضحك ، تستحيل حمامةً
بيضاء فوق فم المدافع تنقرُ

الشعرُ ماء المتعبين وزادهم
الشعر زيتونُ الخلود الأخضرُ

الشعر أنفاس الحنين ترقُّ في
رئة الوجود فماله لا يزفرُ

الشعر قاموس الفضائل إن سما
أنا ما عنيت عصابةً تُستشعَرُ

الشعر نفثة عاشقٍ متأوهٍ
يرنو إلى الماضي البعيد وينظرُ

الشعر ثغرٌ ضاحكٌ يستلهم ال
كلمات يشدو والأنام تفسّرُ

الشعر هذا الكون يحملنا إلى
مستقبلٍ فيه القوافي تزهرُ

الشعر مصباح الشعور وزيته
حسُّ ، ووجه زجاجه لا يكسرُ

الشعر في النظرات في البسمات في ال
كلمات في الآهات حولك تُزفرُ

في صفرة الليمونِ في كحل العيون وفي
رسم الشفاه وقد غزاها الأحمرُ

في وجه طفل خائف متلعثم
كره الوجودَ ودارُه تتفجرُ

في شدوِ عصفور يحنُّ لعشه
في وردة من عطرها تتعطرُ

الشعر ليس عبارة مكتوبة
في دفتر من شاء فيه يسطّرُ

هو دولة الشعراء ختم جوازها
بندى المشاعر والخواطر يصدرُ

ماجاز في أجوائها متحذلقٌ
ما رامها متشاعرٌ لا يشعرُ

يا يومنا الشعري وجهك كالحٌ
وقبور أشلاء القصائد تحفرُ

اغتالك المتسلطون بمدية ال
أهواء واجترؤوا عليك وسيطروا

حملوا رفاتَك فوق نعش لونُه
لونُ القتامةِ في العراء وكبَّروا

يا أيها المتسلطون دعوا لنا ال
شعر الذي يروي القلوب وغادروا

ماذا نريد بحزمة الكلمات كال
غيم الذي بسمائنا لا يمطرُ ؟!

أنا ما تثير مشاعري أنشودةٌ
بلهاءُ تقرع في الفراغِ وتصفِرُ

الشعر لو ما هزَّكم زلزالُه
وغدا صدى الكلماتِ بحرًا يهدرُ

فالخير ألا تُهدروا أوقاتِكم
في أحرفٍ جمُدتْ وألا تحضرُوا