بين ذمم الحياة - عبد الصمد الحكمي

كانتا تتداولان التعب عند إحدى محطات الوقود
*
وصَبيّةٍ لم تبلغ العِقدا
حَفرَ الشقاءُ بمهدها لحْدا
البؤسُ تفضحُه ضفائرُها
والجوع يُذوي الوجهَ والقدّا
فُسَح الصِّبا ضاقت بصبْوتها
والأفْقُ يبدو شاحبًا صَلْدا
وعلى المحاجر فيضُ أسئلةٍ
مكلومةٍ تتمحّل الفَقْدا
أتْرابُها يلهون في دَعَةٍ
والعيشُ يُقْبِلُ نحوَهم رَغْدا
طافت على الطرقات أعينُها
لم تُلفِ بين لِداتِها نِدّا!
فَأَوَتْ لحِضنٍ ما لمحتُ به
دفئًا يُحَنّ له
ولا برَْدا
الأمُّ خلْف ذهولها جُمَلٌ
قطعَتْ على كتمانها العهدا
نَظَرتْْ إليّ وفي المدى سَفَرٌ ، كَلَلٌ
على سنواتها امتدّا
الموتُ يسكنُ كلّ زاويةٍ
في هيكلٍ ذَبَحتْ به الوعْدا
طيف الفنا شبَحٌ يطاردِها
كرِهَتْه إذ يقتاتُها سُهْدا
أرْختْ إليّ عناءَ راجفةٍ
لم تَلْقَ دُونَ هَوانِها بُدّا
فنقدتُها والقلبُ مُنكفئٌ غُصَصًا
أعُدّ نِثارها عدّا
ومضيتُ
دربي لا يلمُّ سوى ذممِ الحياة وموتِنا الأجدى