الكلبة الراحلة - عبدالرحمن العشماوي

مواساة شعرية بعد أن أعلن المكتب الصحافي في البيت الأبيض وفاة كلبة الرئيس
الأمريكي الراحلة "سبوت بنت ميلي" والتي ترجع أصولها إلى إنجلترا!.

-------------
------------

نعزيك في الكلبة الرَّاحلة
عزاءُ تُسَرُّ به العائلَهْ

نعزيك في كلبةٍ ودَّعت
وغابت عن الأعين الذاهلَهْ

نعزيك فيها وقد فارقت
حياة، برحمتكم حافلَهْ

برحمتكم؟! أينَ؟ لا تعذلوا
سؤالاً، ولا تعذلوا سائلَهْ

لقد فارقت داركم، لم تعد
هنالك خارجة داخلَهْ

فقدتم عزيزاً بفقدانها
فكفكف دموع الأسى الهاطلَهْ

نعزِّيك في حُسْنِ هندامها
وفي شعر"قَصَّتها" المائلَهْ

نعزِّيك في لون أنيابها
وفرشاة" أسنانها الناحلَهْ

وفي أذنيها وفي ذيلها
وضحكة أشداقها الهائلَهْ

نعزِّيك في مربض دافئٍ
إذا ربضت ساعة القائلَهْ

نعزِّيك في جنبها، لم تعد
تحك به أرجل الطاولَهْ

تُعزيك أشلاء أطفالنا
وجدران أوطاننا الفاصلَهْ

تُعزيك أم رأت ابنها
قتيلاً، ودوحتها ذابلَهْ

تُعزِّيك غزة لم تنشغل
بأخلاق غاصبها السافلَهْ

يُعزِّيك طفل العراق الذي
تشَّرد في أرضه القاحلَهْ

يُعزِّيك ماء الفرات الذي
رأى قسوة الضربة القاتلَهْ

رأى القاذفات التي أرسلت
إلى الناس غازاتها السائلَهْ

رأى الطائرات التي أسرفت
غدوًّا، رواحًا إلى الحاملَهْ

رأى الناقلات التي لم تزل
تُلاحقُ ناقلة ناقلَهْ

تُعزِّيك أقفاص أسرى الردى
ببرقية بُعثت عاجلَة

نعزِّيك فيمن فُجعتم بها
وكانت بنعمائكم رافلَهْ

فراق "سُبوت" لأحبابها
فراق تجلَّت به النازلَهْ

فكم زفرة بعدها صُعَّدت
وكم دمعة بعدها هاملَهْ

كريمة أصلٍ فأخوالها
سُلالة إنجلترا الباسلَهْ

و"ميلي"هي الأم جاءت بها
لتصبح مشغولة شاغلَهْ

وأمَّا أبوها وأعمامها
فيُنمَونَ للأسر الخاملهْ

ولا ضير فالأم أولى بمن
تكون بآبائها جاهلَهْ

نعزِّيك فاصبر على فقدها
فدنيا الورى كلها زائلَهْ

فإن العزاء لكم واجب
وإن العزاء لنا نافلَهْ

أتأذن بعد العزاء الذي
نظرنا به نظرة عادلَهْ؟

أتأذن لي بالسؤال الذي
تردده الأنفس الجافلَهْ؟

سؤال المساكين في عالمٍ
تداعت أساطيله الصائلَهْ:

أيمكن أن يجدوا لفتة
من العطف كالكلبة الراحلَهْ؟