خيمة الظلماء - عبدالرحمن العشماوي

نَصَبَ الليل خيمة الظلماءِ
وأبان الصقيعُ جور الشتاءِ

والرياح الهوجاء تُنشِد لحناً
ملحمياً يزف عرش الفناء

وصغير يُخبئ الليل منه
تحت إبطيه باقي الأشلاءِ

وبيوت تبرّأ الأمن منها
وكساها الإرهاب ثوب الشقاءِ

رب طفل يموت فيها يجوع
وعلى بابه صنوف الغذاءِ

لا مجيب يا صوت ليلى وسعدى
مات من يستجيب للضغفاءِ

افرحوا يا يهود، نحن كفينا
جيشكم قتل أهلنا الأبرياءِ

أفرحوا يا يهود، نحن سفكنا
من بني قومنا أعز الدماءِ

لم يزل في الحضيض منا رجال
جرفتهم مبادئ الغوغاءِ

أفرحوا يا يهود، نحن شربنا
بدلاً عنكمو دموع النساءِ

أفرحوا يا يهود نحن وضعنا
في يديكم مواطن الإسراءِ

****
****

وفتحنا لكم بساتين يافا
ورفعنا لكم يد الإغضاءِ

افرحوا يا يهود، نحن نصبنا
لذوين مشانق الدخلاءِ

نحن قلنا : ابقروا بطون الحبالي
واستبيحوا محارم النبلاءِ

وسكننا وللرصاص ضجيج
وغفونا على رنين البكاءِ

والدعايات ألبست كل ذل
في حمانا ملابس الكبرياءِ

****
****

صورت كل عثرة عثرتها
أمتي قفزة إلى العلياءِ

صورت كل ظالم مستبد
سيداً عادلاً نقي الرداءِ

يابني أمتي، جراح اليتامى
قتلت في فمي نشيد الصفاءِ

ورمتني من الأسى في محيط
فأمامي موج، وموج ورائي

لو جمعنا قصائد الحزن فينا
ومزجنا بها عيون الرثاء

واستعدنا متمماً حين يبكي
وروينا قصائد "الخنساء"

ماشفينا قلوبنا في زمان
بيع فيه الأطفال بيع الإماءِ

رب عوناً على مصائب قومي
فإليك اللجوء في الباساءِ

****
****

لا تلوموا قصائدي حين تبكي
فهي مقطوعة من الأحشاء

يابني أمتي، بكاء حروفي
"لو فطنتم إيه" أسمى بكاءِ

لو جمعنا قصائد الحزن فينا
ومزجنا بها عيون الرثاء

****
****

واستعدنا متمماً حين يبكي
وروينا قصائد "الخنساء"

ماشفينا قلوبنا في زمان
بيع فيه الأطفال بيع الإماءِ

رب عوناً على مصائب قومي
فإليك اللجوء في الباساءِ

****
****