مقاطع من رصيف الشتات - عبدالله السفياني

على غير وعد أتاني ..
ليقرأ آياته قبل أن يقرأ البسملة ..!
وحدثني باسم آبائه الأولين..
عن الصبر والعزم والحوقلة..
عن القابضين على الجمر ..
في زمن الصفقة الخاسرة ..
ورغم التراب الذي بيننا ..
حدثت أدمعي أدمعه..!
***
مقطع آخر من رصيف الشتات..
أبي لم يكن مفتيا..
ولم يدرس الفلسفة..
وكان ..
إذا عربد الحزن في شفتيه ابتسَمْ ..!
: ..ابتسِمْ..!
: ..ابتسِمْ..!
هكذا قالها قبل أن يرتحل..!
تعلمتُ من حينها أنّ ( لا ) ..
تموت إذا حاصرتها ( نعم )..!
قال لي مرة والأسى يشعل الفكر في فكرته..:
( إذا جاءك الموت يسعى ..
وفي كفه التذكرة ..
فلا تتردد كما فعل الأولون ..
وسافر مع الدمعة العابرة ..! )
***
.. وقد كان وجه الصباح كئيباً
كدمع الذين قضوا ليلهم جائعين
وكنت هنا ..
لا لم أكن..
وكان الذي هاهنا جثة من حنين..!
جثة هامدة..!
وحين تجيء القوافل تحمل أرزاقنا والدموع..
تذكرت جدي ينادي القبيلة..!
ينادي الذين بعكس اتجاه الرياح أفاقوا..
فلم يجدوا غير رجْع النداءِ.. وبعض الدموع..
فعادوا .. مع الريح أدراجهم.!!
وعادوا بخفي حُنين..!
وجدي ينادي القبيلة..!
***
تعالوا اشربوا ما تبقى من الكأس
كأس الفناء..!
فقريتنا مزقتها يد الغادرين..
تنام على صفعة الليل .. أما الصباح..
فيسجنها في خيوط الظلام..
وتهتز في رحم الظلم أشلاؤها ..
وتربو على ضفة الجرح فيها الجراح
***
أنا ههنا .. ههنا..
ارحلوا..
فجيش التتار يحاصر قلبي ..
وأسواره لم تزل صامدة..
ارحلوا..ارحلوا
قبل أن تسقط القلعة الباقية..
وقبل الرحيل اذكروني..
اذكروا ..
صرختي الباكية ..
اُذكروا... صرختي البا..كية..!