الجــمــال - عدنان النحوي

خَـلَـقْـتَ الجَمَـالَ لَـنَـا آيَــةً
تَطُـوفُ القُلــوبُ بهَـا وَ العَيُونْ

وَأَبْدَعْـتَ في الكَــوْن مَـا تَجْتَلي
عُـيُـونٌ وَمَـا هُـوَ سِـرٌّ دَفِـيـنْ

وَزيَّـنْـتَـهُ ! يَـا لَـهَـذا الجَمَـالِ
وَهـذا الجَــلاَلِ وهــذا الحنيـن

فَتـَخْـشَـعُ في نُـورِه أَضْـلُـعٌ
وتَخْـفُـقُ أَشْـوَاقُهَـا و الشُّجُـونْ

فـهـذي الـسَّـمَـاءُ وآفَـاقُـهـا
بُـرُوجٌ تُـزَيَّـنُ للـنَّـاظِــريـنْ

فَـكَـمْ بَـصَـرٍ عَـادَ مِنْهَـا حَسْيراً
عَلى خَـشـيَـةٍ وَهُـمُ مُـشْـفِـقُونُ

وَ غَيْـبٌ وراءَ وثــوب الخـيــالِ
عَصَيٌّ عَـلـيْـهِ و سَـقـفٌ مَتِـينْ

فُـطُـفْ حَـيْـثُ شِـئـتَ فآيَاتُهَا
جَلاَلُ المَـدَى و جَـلال الـقـرونْ

وهـذي هـي الأرضْ كَـمْ جَـنَّـةٍ
تَـفَـجَّـرُ بين جَـنَـاهـا العُـيُـونْ

ورَوْضٍ تَنَـفَّـسَ عَـنْـهُ الصَّـبَاحُ
شَـذاً مـن وُرُودٍ و مِـنْ يَـاسَـمِينْ

وطَـيْـرٍ كَـأْنّ رَفـيـفَ جَـنَاحَيْـ
ـهِ رفُّ البكُـورِ وهمْـسُ الغُصُـونْ

يُـسَـبِّـح لله في مَـوْكِــبٍ
جَـلـيـلٍ وحَـشْـدٍ مـن الخاشِعِينْ

وكَـمْ مِـن جِـبـالٍ تَـشـقُّ ذُرَاهَا
عـنـانَ السَّـمـاءِ و سَهْـلٍ يَلـينْ

وَكَـمْ أَبْـحُـرٍ غَـيَّـبَ الله فِـيـهَا
غُيُـوبـاً وأَطْلَـقَ فـيـها السَّـفِينْ

وَنَهْـرٍ .. تَـدَفَّـقُ أَمْـواهُــه
يُرَوِّي الحَـيَـاةَ ويُـغْـني الـقُـرونْ

يُـزَيِّـنـُهـا الله كَـيْـفَ يـشـاءُ
وَيَمْـنَـحُـهَـا عَـبْـقَرِيَّ الفُنُونْ

وأنْشَـأتَ مِـنْ زِينَـةٍ في الحـيـاةِ
لِتَبْـلُـوَ مِـنَّـا الهَـوَى و اليَقِـينْ

وَتَبْـلـوَ مِـنَّـا خَـبَـايَا الصُّدُورِ
ونَجْـوَى القُلُـوبِ و هَـمْس الجُفُونْ

فَـكَـمْ زِيـنَـةٍ سَـعَّرَتْ فِـتْـنَةً
تـلظَّـتْ عَـلَى شَهْـوَةٍ أَو مُـجُـونْ

وكـمْ زِيـنَـةٍ رفَّ فـيـهـا الجَمّالُ
يُطَـهِّـرُ أَشْـوَاقَـنـا والحَـنِين

فَزِيـنَـةُ هـذِي الحَـيَـاةِ رِيَـاشٌ
وزهْوَةُ مَـالٍ وَ شَـوْقُ البَـنِـيْـنْ

يُبَـدِّلُـهَـا الـنَّـاسُ في سَـعْـيِهِمْ
شُكُورَ التُّقَـى أو جُـحُـودَ الفُتُونْ

فَـكَـمْ جَـاهِـلٍ ضَـلَّ في غَـيِّـه
فَظـنَّ الجَـمَـالَ هَـوَى المُعْتَـدِينْ

وَلهْوَ الحَــرَام عَـلَـى شَـهْـوَةٍ
تَوَاثَـبُ بَـيْـنَ غَـوَانٍ و عِـيـنْ

رَفِـيـفُ الجَـمَـالِ نَـوَالُ الحَـلالِ
وصِدْقُ الـوَفَـاءِ وعَـهْـدٌ أَمـيـنْ

وأَجْــمَــلُ آيَــاتِــهِ أَنَّــهُ
هُوَ الحَـقُّ والطُّـهْـرُ أنّى يـكُـونْ

ونورٌ تَـدفّـقَ مِـلءَ الـوُجُـودِ
يُزيـحُ الظّـلاَمَ و يَنْفـي الظّنُـونْ

وَحُـرِّيّـةٌ أَطْـلَـقَـتْ أَنْـفُـسـاً
لِتَمْضِـيَ في مَوْكِـبِ الـعَـابِـدينْ

سَـيَـبْـقَى الجَـمـالُ لَـنَـا آيَـةً
يَـرَى اللّهَ في صِدْقِـهـا العَالمـونْ

ويَبْـقى هَـوَانَـا هوى الـصَّـادقينَ
فَمَـا الحُـبُّ إِلا هَـوَى الـصَّادقِينْ

وَمَـا الحُـبُّ إلا زكـيُّ الجَـمَـالِ
نَقِـيُّ الـفـعَـال وَ فَـاءٌ وَ ديـنْ

وَمَــنْ عَــرَفَ الحُــبَّ للّـــ
ـهِ عَلّـمَـهُ الحـبُّ تَـرْكَ المُجُونْ

فـفـي كُـلِّ نـاحِـيَــةٍ آيَــةٌ
مِنَ الحُـسْـنِ تُجْـلَـى و حَـقٌّ يَبِينْ

تَــدُلُّ عَـلَـى أَنَّـكَ اللّــ
ــه رَبُّ الخَلائِـقِ و الـعَـالمـينْ

وَلَيْـسَ يَـرَاهـا سِـوَى مُـؤمِـنٍ
وَلَيْـسَ يَـرَاهَـا سَـوَى المتَّقـيـن

وأَنْـتَ جَـمـيـلٌ تُـحِـبُّ الجَمالَ
فَقُـلْـتَ لَـنَـا يـا عِـبَادِي اتَّقُونْ