مـواكــب بــدر - عدنان النحوي

طَـوِّفـي حَيْثُ شِئتِ هـذي المَغَاني
زَهَـرَتْ بـالقَصيـدِ والمهْـرَجَـانِ

يـا لَنَفْـح الإِيمـان يَنْشُـرُ طِيبـاً
مِـنْ فَعَـالٍ ورَفّـةً مِـنْ بَـيَـانِ

يا لَنُـورٍ يَشُـقُّ مِـنْ ظُلْمـةِ اللّيْـ
ـلِ وَيَسْري بَينَ الضُلُوع الحَوَانَـي

يَـا لَهَـا خَفْقَـةٌ مِنَ الكَبِـدِ الحَـ
ــرَّى وَدَفْـقٌ مِنْ رَحْمَـةٍ وَحَنانٍ

أَسْعِفينَـا فكـمْ ضَلَلْنـا و تـاهَـتْ
في الـدَّيـاجيـر خُطْـوةُ الإِنسـانِ

أَسعِفيـنَـا بـآيـةٍ مِـنْ بَـيَـانٍ
شَـعَّ مِنْ جَوهَـرٍ كَـرِيم المَعَـاني

كُـلُّ حُـرِّيَـةٍ تَـمُـوتُ إذا لَـمْ
تَـكُ حُـرِّيَّـةً لـصـدقِ لِـسَـانِ

كُـلُّ حُسـنٍ يَمُـوتُ فِينـا إِذا لـمْ
يَـكُ أَغْـلاهُ آيَـةً مِـنْ بَـيَـانِ

كـمْ سَقَطْنـا وَمَا نهضنـا فَأْهْـوتْ
بَيْنَ أَوْحـالـنا خُطَـا الفُـرْسَـانِ

كـمْ خَنَقْنَـا عَلى الحَنَاجـرِ أَصْـوَا
تاً فمـاتَـتْ في غُـصَّـةٍ وَهَـوَانِ

الحُـرُوفُ الخَـرْسَـاءُ ذُلٌّ ومَـوتٌ
دُفِنَـتْ بَـيْـنَ مُجْـرمٍ وَجَـبَـانِ

لَهْفَـةُ الشَـوْق لَـمْ تَـزَلْ تَتَعَالَـى
بَيْـنَ أَحْنائِنَـا ، وصَفْـوُ الأمَانـي

أَسعِفِينَا بِرَوْعَـةِ الحَـرْفِ يَجْـلُـو
عِـزّةً أو يُعِـيـدُ مِـنْ إِيـمـانِ

كـمْ عَـدُوٍّ تَـرَاهُ يَقْتُـلُ فِـيـنَـا
وَمْضَـةَ الحَرْف من هُـدًى وجِنـانِ

يَـالِـذُلّ الإِنْسَانِ يَطْـرَحُـه الكُفْـ
ــرُ شَتِيـتَ الأهْـوَاءِ والأشجـانِ

يَـا عَبيـداً يَسُوقُها السوطُ في الأرْ
ضِ فَتَمضِـي هُنـاكَ كـالقِطْعَـانِ

سَـرَقُـوا الوَمْضَـةَ الغَنِيَّـة لكـنْ
أشـرقـتْ رغم ذاك منهـا اليـدانِ

سـرقـوا العطـر ثمَّ ولَّـوْا ولكـن
نَثَرَتْـهُ الـخُطـا بِـكُـلِّ مَـكَـانِ

كُلَّمَـا أَوغَـل الجبَـانُ بِـظُـلـمٍ
جَعَـل اللهُ فُـرْجـةً مِـنْ أَمَـان

يَـا لِـذُلِّ العَبيـدِ تَـرْكَـعُ في دُنـ
ـيـا " أَبُولُّـو " في زحمَـةِ الأوِثانِ

كُـلَّ يَـوْمٍ لـهُـمْ إِلـهٌ جَـديـدٌ
يـا لِـذُلّ الأَرْبَـابِ والـعُـبْـدَانِ

نَحَتُـوه مِـنَ الخُـرَافَـةِ والجَهْـ
ـل وصَاغـوهُ مِنْ هـوىً فَـتّـانِ

كُـلَّ يَـوْمٍ لَهْمُ مَـذاهـبُ شتَّـى
مِـنْ ضَلالِ اليُونـانِ والـرُّومَـانِ

ثُـمَّ سَمَّـوهُ فلسَفَـاتٍ وفِـكْـراً
بـيـن جُورِ الـضَّـلالِ والبُهْتَـانِ

فِتْنَـةٌ أشْعَـلَـتْ أَبَـالسـةُ الأَرْ
ض لَظَـاهَـا تَمُـدُّ مِـنْ نِيـرَانِ

فَـدَعُـوهَـا يَا قـوم ! أَيُّ فَسـادِ
لِـبُـنـاةِ الأَجْـيَـالِ والأَوْطـانِ

لا تُـرَاعي يَا نَفْسُ ! هُـم جُبَنـاءٌ
مَـا أَذَلَّ الجَبَـانَ عِـنْدَ الجَبـانِ

هـا هُنـا نَفْحَـةُ النُّبُـوَّة مِنْ بـدْ
رٍ وهـذي مَـلاحِـمُ الـفُـرْقـانِ

هـا هُنـا تُصْنَـعُ الرّجَـالُ وتُبْنَـى
أُمَّـةٌ بـيـنَ آيَــةٍ وَسِـنَـانِ

يَا لَبَـدْرٍ ! وَيَـا لَمَعْـرَكَـةٍ تَـمْـ
ـضي مضيَّ الـدُّهُـورِ و الأزْمَـانِ

يَنْحَنِي عِنْـدَهـا الزّمَـانُ فَيَلْـقَـى
شُعَـلاً مِـنْ عَـزائِـمِ الإِيـمـانِ

في مَيَـادِيِنهَـا تَمُـوجُ اللَّيـالـي
و دَوِيٌ مِـنْ أيَــةٍ و أَذَانِ

والتْطامُ الزُّحُوفِ ، حَمْحَمـةُ الخَيْـ
ــلِ ، نِـداءُ الرَّحـمـن للإِنْسـانِ

عَبْقَـريُّ الجِهَادِ مِنْ عَزْمـةِ الشّـوْ
قِ ، ومِـنْ مُهْجَةٍ ، ومِـنْ إِحْسَـانِ

عَبَـقُ المجْـدِ كُلُّـهُ في الثَّنَـايَـا
في ذُراً أشْـرَقَـتْ وفي وُدْيـانِ

كُـلُّ شِبْـرٍ مُضَـمَّـخٌ بِـدِمـاءٍ
كُـلُّ سَـاحٍ زَهْوُ الرُّبـى والمَغَـاني

هـا هُنَـا يُرْفَـعَ القَصِيـدُ ويُبْنـى
أَدَبٌ مُلْهِـمٌ وفـيـضُ مَعَـانـي

أَدَبٌ يَرْتَـوي الـبَـيَـانُ لَـدَيِـه
مِنْ حَـديثِ الرَّسُـول ، مِنْ قـرْآنِ

هُـو نَبْـعٌ مِنَ الهِـدَايـةِ ، فَيـضٌ
مِـنْ وَفَـاءٍ ، وخَفْقَةٌ مِـنْ جَنَـانِ

طَابَ ليْ عِطـرُها ! فَكَمْ رَفَّ مِنْهـا
عَبَـقُ الصِّـدْق أَو شَـذَا الإِحْسَـانِ

خَشَعَـتْ أَضْلُعـي لآيَتِهـا الـكبْـ
ـرَى وإِشْـراقِ جَـوْلـةٍ وطعَـانِ

هَاجَنـي الشّـوْقُ مِنْ هَـوىً فَتلـ
ــفَّتُّ ! ونَادَيْتُ : أَيْنَ عَزْمُ البَانـي

أَيْنَ أَمْجَـادُ أُمَّتي ؟ ! كيف تَـرْضَـ
ـون " أبُـولّـو" ودعوةً مِنْ هَـوَانِ

ها هُنَـا تَزْخَرُ البُطُـولاَتُ في التَّـا
ريخ مِنْ صَـادِق الـوَفَاءِ و حَـانِ

فَتَنَـاوَلتُ مِـنْ هُنَـاكَ مِـنَ التّـا
ريخ ، مِنْ رَوضَـةٍ وَمِـنْ بُسْتَـانِ

جَوْهَـرَ المجْـدِ أَوْ لآلـيءَ فَـتْـحٍ
أَوْ عُقُـوداً مَنْظُـومَـةً مِنْ جُمَـانِ

وَوُرُوداً تَـفَـتَّـحَـتْ وَزُهُـوراً
عَبَقَـتْ بالشَّـذَا ، ونَـفْـحَ جِنَـانِ

فَـإِذَا كُـلُّـهـا تَـجَـمَّـعُ آيـاً
فـي فُـؤادٍ حَـانٍ وفـي وِجْـدَانِ

لَمْحَـةٌ تَجْمـعُ الفَـرَائِـدِ مِنْ بَـدْ
رٍ ومِـنْ وثْـبَـةٍ وزَهْـو يَـمَـانِ

لا تَغِيبـي عَنَّـا مَيَـاديـنَ بَـدْرٍ
أَطْلِقي مِـنْ مَـواكـبٍ وعِـنـانِ

وَثبِـي يا مَوَاكِـبَ الحَـقِّ طُوفـي
بَينَ نَصْـرٍ وبَيْن صِـدْقِ الأمَـانـي

وَاصْدُقي الله واطْلُبي الجَنَّة لا الدُّنـ
ـيَـا ولا زُخْرُفَ الحَيـاةِ الفـانـي

إِنَّ أَعْـلَى البَـيَـانِ دَفْـقُ دِمَـاءٍ
فَجّـرَتْـهـا مَـوَاقِـعُ الإِيـمـانِ

كُـلُّ حَـرْفٍ يَصُـوغُـه دَمُ حُـرٍّ
هُـوَ نُـورٌ يَسْـري مَـعَ الأزْمـانِ

لَفتـةٌ مِنْـكَ يا أَخي رفَّ منْهـا الـ
ـشَـوْقُ للحـقِّ أو نَقَـيُّ الأمانـي

لفْتـةٌ حُـلْـوةُ ومَدْرَسَـةٌ كُـبْـ
ــرى ودارٌ مَـشْـدُودةُ الأركـانِ

وكَـأَنّـي أَرَاكَ قمْـتَ ! تَـلَـفَّـ
ـتَّ ! ونَـادَيْـتَ يَا رِجـال البَيـانِ

انْهَضُـوا ! أَدركـوا البَيَانَ وصُونُوا
لغـة الحَـقِّ مِـنْ عَـدُوٍّ جَـانِـي

ودَعـي أُمَّـتي مَـذَاهِـبَ يُـونـا
نٍ وأَوْهَـام جَـاهِـلٍ مُـتَـوانِ

وانْهضـي ! هـذه مَـدْارِسُ بَـدْرٍ
أطلِـقـي مِنْ مواكِـبِ الفُـرسـانِ

كِمْ رَمَـى الحِقْـدُ والتّحاسُـدُ فينـا
خَـيْـلـنـا في مَتَـاهَـةٍ وَهَـوَانِ

لَكَ مِنّـي تَحِـيَّـةٌ يـا أخـي أَحْـ
ـمَـدُ ! صفْوُ الـدُّعَـاءِ والإِحسانِ