دعاء وابتهال : إلهي - عدنان النحوي

إلهـي ! وفي جَنْبيّ خَفْقَـةُ وامِقٍ
وإنِّـيَ أوَّابٌ إِليـكَ و خَـائِـفُ

وَفي الدَّار أَهْـوالٌ تَمـورُ و فِتْنـةٌ
تَـدُورُ ودَمْـعٌ بين ذلـكَ نــازِفُ

ودَفْقُ دمـاءٍ والضَّحَايـا تَنَاثَـرَتْ
زَلازِلُ جُنّـتْ حَـوْلَنَـا وَرَواجِـفُ

تَصَـدَّعَ بُنَيـانٌ فـأهْـوَى وهـذِه
أَعَاصِيـرُ مازَالَـت به وعَواصِـفُ

تهافَتَـتِ الدُّنْيـا عَلَينَـا فَأَقْبَلِـتْ
حُشودٌ تَوَالتْ في الدّيـار زَوَاحِـفُ

كأنَّهُـمُ مَالَـوا إلى قَصْعَـةٍ لَهْـمُ
فَضجّتْ لها أحشادُهـم والطوائـفُ

وحُوشٌ عَلَى أنْيَابِها المَوْتُ مُقْبِـلٌ
وكُـلُّ فُـؤادٍ دُونَ ذلـك وَاجـفُ

كَأَنّ الرّدَى بَيْن المخالِـبِ رَابـضٌ
فإن وثَبَتْ فالمَوتُ ماضٍ وخاطـفُ

* * *

إلهي ! وهذي أُمَّتي مَزَّق الهَـوى
قُـوَاها وغَشّاهَـا هِـوىً وزخارفُ

يقود خُطاهـا في الدَّياجيـر تائـهٌ
ويَدْفَعُها بَين الأعاصيـر واكـفُ

فُهُنَّـا وداستْنَا زُحُـوفٌ ومُرِّغِـتْ
جِباهٌ وأهوى في الوُحول غُطارفُ

ومـالوا على أَعرَاضِنا فاستباحها
لِئامٌ فَلـمْ يلقَـوا كُمـاةً تُخَـالـفُ

فكم مِنْ فَتَاةٍ مَزَّقَ القَهْـرُ سِتْرَهـا
وروَّعهـا في النائِبات الكواشِفُ

هُناكَ على " البُوسْنا " دَواهٍ وفتنـةٌ
وفي أَرْض " كشميرٍ " لظىً و قذائِفُ

وهذي فِلسْطِينُ المُدَمّاةُ وَيْـلَـنـا
يَغِيبُ تَلِيـدُ المجْـدِ مِنْها وطـارفُ

تَغيبُ وراءَ الأفـق مِنْها مَعَـالِـمٌ
نَـديُّ ظِـلالٍ مِنْ رُبـاهـا ووارفُ

تطير قُلوبُ المؤمنـين لِسَـاحِهـا
فَتنْهـضُ لِلّقيـا رُبـى ومشـارفُ

وللمَسجدِ الأَقْصَى حَنيـنٌ ولهفـةٌ
تجيشُ بهَـا أشْواقُنَـا والعَواطِـفُ

وفي كُلِّ أرْضٍ فِتْنَـةٌ بعـد فِتْنَـةٍ
ويَومٌ عَبُوسُ الشَرِّ والهَوْل كَاسِفُ

وَقَـدْ كُشِفَـتْ عَوْراتُنا وتَقَطّعَـتْ
عُـرَانا وهانَتْ سَاحَـةٌ ومَوَاقِـفُ

تَمُّر بِنَـا الأحْـداثُ حَتَّى كَـأَنَّهـا
أَحَاديثُ لَهْـوٍ تَنْطَـوي وَسَوالِـفُ

إِلهي ! فَمَنْ لِلْمُسْلِمينَ وَقَدْ غَفَـوْا
وما أَيَقظَتْهُـمْ آيـةٌ وَمَصَـاحِـفُ

إِلهي ! أَعِنَّا واسْكُـب النُّـور بَيْننا
بأَفْئـدَةٍ ضَاقَـت عَلَيْها المَصَـارفُ

وأَلِّـفْ قُلوباً فَرَّق الحِقْـدُ بَينهـا
وقَـدْ يَجْمعُ الأضْدَادَ يـوماً تآلـفُ

وَهَبْنَـا يَقِينـاً في القُلـوبِ لَعَلَّنَـا
نَهُـبُّ إلى سَاحَـاتنـا ونُشـارِفُ

وأَنْزل عَلَيْنا رَحْمـةً تغسـل الذي
نَـهُـمُّ بـه من مـأثَـمٍ ونُقَـارفُ

ونَنْـزعُ عَنْ آثامِنـا ، عَلَّ تَوْبـةً
يُفيـقُ بِهَا لاَهٍ عن الأمْـرِ عـازِفُ

فَتدْفُقُ في المَيْـدَان مِنّـا جَحافِـلٌ
يَمُوجُ بِهَا شَاكي السّلاحِ وعاطِـفُ

ونَحْمِـلُ للدّنيـا رسَالـةَ ربِّنـا
نُخاصِـمُ في هَدْيٍ لهـا ونُعَاطِـفُ

ونَمْضي بِهَا صَفّـاً كَـأَنَّ جُنـودَه
قـواعدُ بُنيـانٍ ، فَـداعٍ وزَاحـفُ

فَتنزلُ نَصْـراً يا إلهـي ورَحْمـةً
إِذا صَحَّ عَزْمٌ في الميادين عاكِـفُ

* * *

الجمعة 23/11/1413هـ