السهم الأخـير وفتىًُ يفَجَّر نفسَهَّ - عدنان النحوي

مـاذا أَقـول و أيَّ شيءٍ أكْتُـبُ
السَّـاحُ تَنْـأى والمَنـازلُ تَغْـربُ

لَهْفي على تلـك الدِّمـاءِ تَدَفَّقَـتْ
والنَّاسُ في لَهْـوٍ يَضجُّ و يصْخَـبُ

الرّاقِصون على الدِّماءِ على الأنيــ
ـن، على الجَماجِم ! والغِناءُ الأعْجَبُ

الغيدُ تَلْهـو بالقُلـوب و حَوْلَهـا
سَكْرَى! وأَنغَامُ الضّياعِ تَسَـرَّبُ

لله در ُّ فتـىً يُفجِّرُ نَـفْـسَـهُ
ويْحي ! وأُمّتُـهُ غُفَـاةٌ غُيَّـبُ

فكأنّمـا مُلِئَـتْ جَوانبُـهُ أسـىً
غَضَبـاً ! ولم يَرَ حَوْلَهُ مَنْ يَغْضَبُ

وفـؤادُه لَهَـبُ العزيمــة وَقْـدُه
عَـزْمٌ وإِيـثـارٌ وحـقٌّ أَغْلَـبُ

وعلى مُحَـيَّـاهُ البشائـرُ أَشْرَقـتْ
أَملاً يُضـيء ولَهْفَـةً تترقَّـبُ

***

وتلفَّتتْ عَيْنـاه! حِـين بَـدَا لَـهُ
زَحْـفٌ ونِيـرانٌ تُصَـبّ و تُسْكَـبُ

ومـدافـعٌ وقنـابـلٌ والطـائـرا
تُ تحومُ تُلْقي بالجحيـمِ وتضْـرِبُ

ويحي! ودّباباتُه انْطَلقـَتْ علـى
قَصْـفٍ أَشَـدَّ، لَهِيـْبُهُ لا يُحْجَـبُ

فمنـازلٌ تَهْـوي عَلـى أصْحـابِهـا
ومصانِـعٌ تُطْـوى وأَهْـلٌ نُحَّـبُ

ودَمٌ تفجَّـرَ في المَرابِـعِ كُلِّهـا
دَوّى هُناك ! فَمنْ يُجِيبُ ويُعْـرِبُ ؟

وَدمُ الطّفـولـةِ يسْتَغيـثُ ! وأنَّـةُ
الثكْلى تُنادي! والدّمـوعُ تَشَعَّـبُ

وتلفّتتْ عَيْناه ! هـل مِـنْ مُشْفِـقٍ
في الأَرْض يَحْنوُ ؟ أو يَلين فيحـدُبُ

فالناس والدّنْيا كأنّ بِهـمْ عَمـىً
وقلوبُهُمْ شـتَّى المسَالـكِ تذْهَـبُ

أَو أنّهـم صُـمٌّ وبُكْـمٌ ويْحَهُـمْ
لا مَشْرِقٌ يُصْغي لهمْ أو مَغـرِبُ

***

وتلفَّتـتْ عينـاهُ تنطـقُ بالأسـى
تقـول يا دنيـا أطلّـوا وارقُبــوا

أين النِّظامُ العَالميّ ؟ ! وأيْن كُــ
ـلُّ لجانِهِ ؟ أيْنَ المُـنى والمطْلـبُ

أين الشّعاراتُ التـي غَنَّـوا بِهـا
زَمَنـاً فَغَـاب غِنـاؤهـم والمُطْـرِبُ

أيْنَ الأُخُـوّةُ والعَـدالـةُ والمُسَـا
واة التـي تُطْوى هُنَاكَ وتَكْـذِبُ

***

وتلفّتت عينـاهُ واْلتَفَـتَ الفـؤا
دُ : فأيْـن أهْلي و الهَوَى والمـأربُ ؟!

أيْـنَ العُروبـةُ والسّـلامُ و أيْـنَ أرْ
حامٌ تَقَطَّـعُ والـوِدادُ الأَقْـرَبُ ؟!

أيْـنَ الشِعـارات التي دوّى بهـا
حَشْـدٌ وأيـن سَبيلُـها والمذْهَـبُ ؟!

والمسْلمون ! وأَيْنَ هُمْ ؟! أيْنَ الوعُو
دُ ؟! وكَمْ تُبَدَّل، ويْحَهم، وتُقَلَّبُ

نَادَوْا شُعُوبَ الأرض! قَادتَها! اسْتَغـا
ثُـوا بالعـدُوِّ وبالصّديـقِ وأوْعَبُـوا

وتَوسَّلوا! وتَضرَّعوا! و تَذلَّلـوا!
من ذا يُجيبُ نِداءَهُمْ أو يَصْحَـب ؟!

قالوا قَلِقْنا! أوقفوا الإرهاب! ويْـ
لكُـمُ ! فمن ذاك الـذي هُو يُرْهِـبُ ؟!

مَنْ قَتَّل الأَطْفَالَ ؟! مَنْ قَدْ أشعل الـ
نَّيران؟! مَنْ يَطْغَى هناكَ ويُلْهِـبُ ؟!

قالوا : سنبعَثُ بالوسيـط لكي يُعــا
لِجَ ما يَـرى من مُشْكِلٍ و يُقَـرِّبُ

كمْ من وسيطٍ يا فلَسْطِيـنُ ارْتَـدى
ثوبَ السّلام يَنالُ مِنْكِ ويَنْهَـبُ

المجْرِمـونَ عِـصَـابَـةٌ جَمَعَتْهُـمُ
فِتـَنُ الهَوى صفّاً يَشُدُّ ويـدأَبُ

***

وتَلفَّتَتْ عَيْنـاهُ : أيْـنَ مُفـاوِضٌ
يَسْعى ؟ ! وأيْـنَ الفـارس المتَوَثِّـبُ

كم قـَاعةٍ قَـد زُيِّنـتْ لمفَـاوُضٍ
لاهٍ يُمَـثّـلُ أو يُـراوغُ ثَعْـلَـبُ

وتَدورُ فيها الشاةُ تَثـغـو، دونَهـا
نـابٌ يُقَطَِّـع أو يُمـزِّقُ مخْلـبُ

***

وتلفّتَـتْ عَيْنـاهُ! ويْحي لم يَعُــدْ
في السّاحِ مِنْ حَجَرٍ يَطيرُ ويُرْعِـبُ

وتَلفّتَتْ عيْنـاهُ ! ويْحيَ لم يَعُــدْ
حَشْـدُ السلاح يَصُدُّ أو يتصَبَّـبُ

وتلفّتَتْ عَيْناهُ ! والأَقْصـى يَئــ
ـنُّ وقَيْدُه قاسٍ عليه مُجَـرّبُ

وتلفّتَتْ عَيْنـاهُ! وامْتـلأَتْ جـوا
نِبـُه أسـىً ينْمـو لديْـه و يَغلِـبُ

وإذا الهـوان يلـفُّ أُمَّتَـهُ وهَـلْ
يَبْقَـى الأَبيُّ على الهـوان ويَرْغَـبُ

فـإذا بـه متواثِـبٌ ! أحنـاؤه
غَضَـبٌ يَفُـُورُ مع الضُّلوع ويُلْهـبُ

وخُطاه تَسْتَبِقُ الرّدى! حتّـى إذا
بلـغَ الميـاديـن التـي تتقـلّـبُ

فَتَفَجّـرتْ أحْـنـاؤه وتطـايـرت
أشْـلاؤه والأُفْـقُ مِنْـهُ مُخَضّـبُ

ليظَـلَّ يَـشْهَـدُ أن أمّتنا هَـوَتْ
وغَفَـتْ وأطْبَـقَ فوْقَ ذلك غيْهَـبُ

ويَقـولُ : إنْ أخطأتُ، إنّ هَوان مَنْ
تَـرَ كَ الجِهـاد أشدُّ منهُ وأصْعـبُ

أهلكتُ نَفْسـي؟ غَيْر أنّ سِوايَ أهـ
لَـكَ أُمّةً ومَضَى يَهونُ ويُغلَـبُ

فـالله يَغْفِـر ما يَشـاء لمنْ يشـا
ءُ بِرَحْمَةٍ تُرجَى وفضْلٍ يُوْهَـبُ

ما كان يَغْفِـر للّـذي يمْضي علـى
شِـرْكٍ و يُمْعِنُ في هَوَاه و يُغْـرِبُ

كَثُـرَ الذيـن رَأَيْتُـهُمْ يُفْتُـونَ فـي
أمْري ! وأمْرُهـمُ أشـدُّ وأَعْجَـبُ

ما بَالُـهُمْ لا يَنْهَضُـون إلى الّـذي
أفْتَـوا به، أو للـّذي هـو أقْـرَبُ

مـا عَـاد يَنْفَعُـني الفتـاوى! إنّنـي
في عَالَـم الحـقِّ الـّذي لا يُكْـذَبُ

فالله يَـحْكُـم وحــده بِعبـادِه
فيـه، وحُكْـمُ الله حـقٌّ مُوْجِـبُ

فدَعُوْا أُمُـوريَ وانْهَضوا لأُمُورِكُـمْ
وافْتـُوا ! فذلـك لو عَلمْتُمْ أصْـوَبُ

الخُلْـفُ بيْنَكُـمُ أضَـرُّ عَلَيْكـُمُ
واشَدُّ مـن مَكْـرِ العَدوِّ وأصْعَـبُ

فِرَقـاً تَمَـزَّقُ كَمْ تَـرَوْن خِلالَهـا
شَــرّاً يُـدَارُ وفتنـةً تَـتَسـرّبُ

***

فجّـرْتُ نَفْسِـيَ! هل فَتَحْتُمْ بَعْـدَه
دَرْبـاً إلى النَّصْرِ العزيِـزِ يُقـرِّبُ

هـلاَّ جمعتُـم أُمَّـة الإسـلام صَفّـ
ـاً يَجْتَلي صُـوَرَ الجِهـاد ويَطْلـبُ

إنْ لـمْ تَقُمْ في الأرضِ أُمَّـة أحمـد
ضاعَـتْ جُهودُكُمُ وتـاهَ المَذْهَـبُ