سقاكَ الحيا الوسميُّ ربعاً تأبداً - البرعي

سقاكَ الحيا الوسميُّ ربعاً تأبداً
و عاداكَ عيدُ الأنسِ وقفاًُمؤبدا

و حيتكَ منْ روحِ النسيمِ مريضة ٌ
تساقطُ ذرَّ الطلِّ فيكَ منضدا

فما أنا في الآثارِ أولُ قائلٍ
سقاكَ ورواكَ الغمامُ ورددا

عكفتُ على مغناكَ حتى توهمتْ
نهاتي بأبى قدْ اتخذتكَ مسجدا

و جددتُ عهدَ الحبِ منكَ بلوعة ٍ
إذا طفئتْ بالدمعِ زادتْ توقدا

بكينَ حماماتِ الحمى فاستفزني
جراحُ هوى في القلبِ عادَ كما بدا

و هاجَ الصبا النجديَّ وجدُ بحاجرٍ
فافنيتُ ليلاً بعدَ ليلٍ مسهدا

و ماتركتْ مني الصبابة ُ في الصبا
لمستقبلِ الوجدِ الجديدِ تجلدا

عذيريَ منْ همٍّ دخيلٍو حسرة ٍ
على زمنٍ في الغورِ لمْ يكُ مسعدا

و سوقُ لفقدِ الوصلِ أعوزَ فقدهُ
فأولى لهُ الصبرُ الجميلُ تجددا

بنفسيَ ليلاتٍ مضتْ بسويعة ٍ
و شعبِ حيادٍ ما ألذُّ تهجدا

و ذاتِ جمالٍ في أباطحِ مكة ٍ
محاسنها تحكى سناءًتوقدا

إذا ما رآها العاشقونَ رأيتهم
يخرونَ للأذقانِ يبكونَ سجدا

عكوفاً بمغناها حيارى بحسنها
فلله كمْ أصبتَ قلوباً وأكيدا

و ما زلت أوليها بوادرَ عبرتي
و أسألُ عنها كلَّ منْ راحَ أو غدا

و لوْ أنصفتني ساعدتني بزورة ٍ
أعيشُ بها بعدَ الفراقِ مخلدا

فو للهِ لا واللهِ ما بيَ طاقة ٌ
على حكم دهرٍ جائرٍ جارَ واعتدى

و لكنْ أنادي يا لجاهِ محمدٍ
لاسمعَ صوتي خيرَ منْ سمعَ الندا

و أنزلُ منْ أعلَ ذوائبِ هاشمٍ
بأسمحَ منْ فيضِ الغمامِ وأجودا

بأحسنَ منْ في الكونِ خلقاً وخلقة ً
و أطيبهم أصلاً وفرعاً ومولداً

و أرجحهم وزناً وأرفعهم ذرى
و أطهرهمْ قلباً وأطولهم يدا

فما ولدتْ في الأرضِ حوَّا وآدمٌ
بأشرفَ منهُ في الوجودِ وأمجدا

و ما اشتملتْ أرضٌ على مثلِ أحمدٍ
أبرَّ وأوفى منْ تقمصَ وارتدى

بنورِ الفتى المكيِّ قامتْ دلائلٌ
على الحقِّ لما قامَ فينا موحدا

و إنَّ الفتى المكيِّ شمسُ هداية ٍ
إذا استمسكَ الغاوى بعروتهِ اهتدى

لقد شملتنا منهُ كلُّ كرامة ٍ
وصلنا بهِ عزاً وفخراً على العدا

هدانا الصراطَ المستقيمَ بهديهِ
و ألقتهمْ الأهواءُ في هوة ِ الردى

فأصبحَ يولينا عواطفَ برهِ
ويوليهمُ السيفَ الصقيلَ المهندا

و مازالَ حتى فلَّ شوكة َ شركهم
و شدَّ عرا الدينِ الحنيفِ وأكدا

إلى أن أقامَ الحقَّ بعدَ اعوجاجهِ
و دلَّ على قصدِ السبيلِفأرشدا

عليكَ سلامُ اللهِيبدوا بطيبة ٍ
بهِ يختمُ الذكرُ الجميلُ ويبتدا

كأني بزوارِ الحبيبِ وقد رأوا
بيثربَ نوراً في السماءِ تصعدا

و هبتْ رياحُ المسكِ منْ نحوِ روضة ٍ
أقامَ بها الداعي إلى سبلِ الهدى

محمدٌ الحاوي المحامدَ لمْ يزلْ
لمنْ في السماء السبعِ والأرضِ سيدا

ثمالي ومأمولي ومالي وموئلي
و غاية ُ مقصودي إذا شئتُ مقصدا

شددتُ بهِ أزري وجددتُ أنعمي
و أعددتهُ لي في الحوادثِ منجدا

و قيدتُ آمالي بهِ وبحبهِ
و منْ وجدَ الإحسانَ قيداً تقيداً

سلامٌ على السامي إلى الرتبِ التي
سرى الحيدري فيها سماكاً وفرقدا

فتى ً جاوزًَ السبعَ السمواتِ حائزاً
فضائلَ سبقٍ ما لميدانهٍِ مدى

و أدناهُ منْناداهُمنْ فوقِ عرشهِ
ليزدادَ في الدارينِ مجداً وسؤددا

أجبْ يا رسولَ الله ِ دعوة َ مادحٍ
يراكَ لما يرجو منَ الخيرِ مرصدا

توسلَ بي برٌ إليكَ صويحبٌ
ليمحو كتاباً بالذنوبِ مسودا

و مازالَ تعويلي على جاهكَ الذي
يؤملهُ العبدُ الشقيُّ ليسعدا

فقمْ بابن موسى أحمدَ المذنبِ الذي
رجاكَ وهبْ في الحشرِ موسى لأحمدَ

و أولادهِ والوالدينِتولهمْ
و أقربهمْ رحماً إليهِ وأبعدا

و زد قائلَ الأبياتِ فضلاً ورحمة ً
و أكرمهُ في دنياهُ واشفعْ لهُ غدا

و قلْ أنتَ يا عبدَ الرحيمِ وكلُّ منْ
يليكَ غريقُ الخيرِ في لجة ِ الندى

فما كنتُ بدعاً أن جعلتكَ عدتي
و لا كنتُ ذا عجزٍ فتتركني سدا

و لكنني ألقى العدا بكَغالباً
و آوى إلى الركنِ الشديدِ مؤيدا

فأعيتْ مسافاتٍ مواسمُ ربحهِ
فحجَّ وما زارَ النبيِّ محمدا

فيا ضيعة َ الأيامِ إنْ هيَ أدبرتْ
و ما أنجزتْ بيني وبينكَ موعدا

و صلى عليكَ اللهُ ماذرَّ عارضٌ
و ما صاحَ قمريُّ الأراكِ مغردا

صلاة ً تحاكي الشمسَ نوراً ورفعة َ
و تبقى على مر الجديدين سرمدا

تخصكَ يافردَ الجلالِ وينثني
سناها على الصحبِ الكرامِ مرددا