على ذاكرة السكين - فريد عبدالله النمر
صُبّي جِرَارَ الوقْتِ وَارتَشِفِيني
                                                                            وَهَجَاً عَلى النّسْرينِ وَاعْتنِقِيني
                                                                    وَتَصَوّفِي ثَغْرِي بِنَهْرِ مَشِيْئَةٍ
                                                                            وَتَبَتّلِي للْمَاءِ وَاغْتَسِليني
                                                                    صَوْتَاً مِنَ الإصْغَاءِ يَغْسِلُ ظِنّهُ
                                                                            بالرّيْحِ فِي صَمْتِ الهَوَى المَجْنُون
                                                                    وَتَشَبَثيني هَمْسَةً مُسْتَاءَةً
                                                                            عَنْ نَاكِرَاتِ الحُبّ وَابْتذِلِينِي
                                                                    نَفَسَاً مِنْ الغَيْمِ الذّبِيْحِ يَؤُمُنِي
                                                                            بَيْنَ الزّجَاجِ وَرَقْصَةِ السّكِين
                                                                    لاْ تَنْبُشِي صَدْرَ الزّمَانِ بمُعْوَلِي
                                                                            فَمَكَانِسِي شُيْءٌ مِنَ التّخْمِين
                                                                    وَمَعَابِرُ المُلْحِ المُسَالَةِ بَيْنَنَا
                                                                            وَرَقُ الهَدِيْرِ بجَوْقَةِ التِنّيْنِ
                                                                    فَاْسْتَغْرقِي فِيْ الخَفْقِ يَخْبُو جُرْحُنَا
                                                                            عِنْ شَهْوَةِ الغَلَيَانِ والتَدْخِيْنِ
                                                                    لاْ تَرْتَخِي في العِشْقِ إنّ رِمَالَه
                                                                            مُنْذُ ابْتِكَارِيَ لَمْ تَعُدْ تُشْجِيني
                                                                    فَحَدائِقُ الأرْوَاحِ فِي نَافُورَتي
                                                                            غَسَلَتْ بَنَكْهَتِهَا فُتَاتَ سِنِيني
                                                                    هَاكِ اْمسَحِي اللّيْلَ المُعَاقَ بَدَفْتَريْ
                                                                            وَلْتَغْرقِيهِ بَيَقْظَةٍ مِنْ حِيْنِي
                                                                    وَتَوَسَلِي للغُصْنِ يُوْرِقُ زَيْتَهُ
                                                                            حِبْرَاً يَغُبّ مَرَارَةَ الزّيْتُونِ
                                                                    يَا نَخْلةَ الأَشْوَاقِ ضُمّيْ لِيْفَنَا
                                                                            بنَيَازِكِ الآهَاتِ وَامْتَحِنِينِي
                                                                    وَتَصَفّحِي وَجْهَ السّمَاءِ برَعْشَتِي
                                                                            وَتَعَلّقِي بالشّوْقِ وَابْتَكِريْنِي
                                                                    وَتَوَشّحيْ صُبْحِيْ الشّهِيَ مَوَزّعَاً
                                                                            حُلْمَاً يَرُفّ عَلى ابْتِذَالِ سُكُونِي
                                                                    هَذي ابْتِهَالاتُ الغُصُونِ تَيَبّسَتْ
                                                                            فَتَسَاقَطَتْ أَرَقَاً مَتَى يُطْلِيْنِي
                                                                    وَتَسَرَبَتْ حُرَقُ الجّلِيْدِ لِشَهَقَتِي
                                                                            بلُهَاتِهَ الحَيْرَى عَدَا يُؤذِيْني
                                                                    ذَبَلَتْ مَوَاعِيْدُ الشّتَاءِ بِمُعْطَفِي
                                                                            وَتَنَاسَلَتْ بَرْدَاً عَلَى تِشْرِيْنِي
                                                                    حَتّى إذَا هَرَبَتْ غُصُونُ مَلَامِحِي
                                                                            فِيْ أَيّ حُلْمٍ أَنْتِ لَمْ يَأْتِيْنِي
                                                                    وَنَوَارِسُ الأيَامِ فِيْ أعْمَاقِنَا
                                                                            عَطَشَا تَحُنّ لبَحْرِهَا المِسْكِينِ
                                                                    نَتَفَتْ شُجَونَ الرّيْحِ مِنْ جِنْحَانِهَا
                                                                            زَغَبَا يَخَافُ ضَرَاوَةَ التَخْوِيْنِ
                                                                    فَتَكَدَسَتْ فَوْقَ الرّمَادِ يُصَبّهَا
                                                                            خَوْفُ الغِنَاءِ بَلَحْنِهِ المَسْكُونِ
                                                                    وَتَوَزّعَتْ والمَوْجُ يَغْسُلُ مَوْتَهَ
                                                                            فِي فِضّةِ النّسْيَانِ وَالتّكْفِينِ
                                                                    لَا تَشْتَهِي خَوْفِي فَبَحْرُ مَخَاوفِي
                                                                            أَغْرَاهُ وَجْهِي فَاشْتَهَى يُغْرِيْني
                                                                    فَتَشَوَّهَتْ مُرْآتُهُ زَبَدَاً عَلَى
                                                                            تَعَبِ الرّحِيْلِ فَلَمْ يَعُدْ يُعْنِينِي
                                                                    يَا رَشْفَةَ السُكْرِ المُعَتّقِ طَعْمَنَا
                                                                            غَنّ جَرَاحَ النّايِ وَامْتَشِقِيْني
                                                                    جَرَسَاً مِنْ الآمَالِ فَوقَ مَدَائِنٍ
                                                                            تُصْغِي لفُوْضَى العَزْفِ والتَلْحِيْن
                                                                    يَنْسَلُ من مَوْجِي الغَريْقِ بِطِيْنِهِ
                                                                            كَتَسَلّلِ الرّعَشَاتِ مِن إسْفِينِي
                                                                    أَتَذَوّقُ الأضَوَاءَ فَتَحَ شَعُورِها
                                                                            بِنَوَافِذِ العِشْقِ الذّي يُؤْويْنِي
                                                                    صُبّي كُؤوْسَ الفَجْرِ ثَغْرَ تَمَايُلٍ
                                                                            أنّي أرِاكِ غِوَايةً فِي طِيْني
                                                                    وَتَذَوّقيْنِي ضُفّةً مَشْحُوْنَةً
                                                                            بَلَذَائِذِ الرّشَفَاتِ وَاخْتَبِرِيْني
                                                                    فَلِمَا الوُقُوفُ عَلى اتْهِامِ مَتَاهَةٍ
                                                                            خَذَلَتْ بَيَاضِي وَاتْلَفَتْ مَضْمُوْنِي
                                                                    رَمَقَي عَلى الأنْحَاءِ غَلّفَهُ اللّظَى
                                                                            غَيْبُوْبَةً لمْ تَرْتَحِلْ مِن دُوني
                                                                    لتَرَشّ طَعْمَ الوّقْتِ نَهْرَ تَحَجّرٍ
                                                                            للرّشْفَةِ العَذْرَاءِ حَيْنَ تَلِيْني
                                                                    تَدْعُو وللعِطْرِ الصَرَيْعِ تَرَاقُصٌ
                                                                            عَلى احْتِفَالِ الوَرْدِ والنّسْرِين
                                                                    فَتَسَرَبْتني شَهْوَةً مَطْفِيّةً
                                                                            قَدْ خَبّأتْني فِي تُرَابِ يَقَيْنِي
                                                                    تَمْشِي المَنَافِيُ وَالمَوَاطِنُ نَحْوَهَا
                                                                            مَجْرُوْحَةً بَمَسَافَةِ التّهْوِيْن
                                                                    وَأَنَا اخْتِصَارَاتُ النّشِيْجِ تَفَصّلَتْ
                                                                            كَالدّالِيَاتِ عَلى فَنَارِ رَنَيْنِي
                                                                    تَبْتَزّنِي للذُعْرِ كَوْخَ هَشَاشَةٍ
                                                                            ثُقَبَتْ بَنَاقُوسِ اللّظَى المَحْزُونِ
                                                                    فَتَنَاسَلْتْنِي حَيْرَةً جُدْرَانُهَا
                                                                            أَوَ هَكَذَا يَا شَمْسُ لَا تُدْنِيْنِي
                                                                    ليَبَيْعَنَي ظِلّيِ عَلى حَانَوتِهِ
                                                                            خَشَبَاً يُمَوْسِقُ فِي فَضَا مَدْفُونِ
                                                                    مُذْ ضَجّ فِي كَفَنِي انْطِفَاءُ قَدَاسَتِي
                                                                            وَعَلى عُيُونِي خَانَنَي تَكْوِيْني
                                                                    سَامَرْتُ أُغْنِيَةَ السَؤَالِ بنَوتَتَي
                                                                            لِمْ يَا تُرَىْ كَالذّنْبِ تَقتَرفِيني
                                                                    يَا أنْتِ والوَتَرُ الشّهِي يَدُلّنِي
                                                                            مَتَثَائِبَا بَيْنَ انْزِوَاءِ ظِنُونِي
                                                                    صُبّي رِعَافَ الذّاتِ خَمْرَ تِلاوَةِ
                                                                            لَا تَسْتَحِي في الحُبّ والْتَحِفِيْنِي
                                                                    وَتَبَلّلي خَدّا رَقَيْقَاً يَحْتَفِي
                                                                            بَالرَائِع المُنْسَابِ واعْتَكِفِيْني
                                                                    تَعَبَاً أَمُدّ إلىْ الهُرُوبِ طَرِيْقَهُ
                                                                            بِحَقَائِبِ أَخْفَتْ خَلَاصَ جُفُونِي
                                                                    وَبِحَجْمِ عِطْرِ الوِدّ شِقّي رَوْعَنَا
                                                                            حَجَرَا يُرُيْقُ الشّوْقَ نَبْعَ حَنِيْنِ
                                                                    لا تَرْكَنِي للنّايِ يَنْبُشُ جُوْعَنَا
                                                                            بَيْنَ الغِيَابِ فَوَيْلَ مَن تَرَكُوني
                                                                    فَعَلى خبَايَايَ الكَسَيْرَةِ غُرْبَةٌ
                                                                            ضَحَكَ المَسَاءُ لسِرّهَا المَفْتُون
                                                                    وَعَلَى جِرَارِ العِتْقِ يَنْتَحِرُ الضَنَى
                                                                            فِي لِعْبَةِ الشُطْآنِ والتّلْوِيْن
                                                                    فَخُذُيْ سَمَائِي قَطْرَةً لِثُمَالَةٍ
                                                                            وَرْدِيّةِ الأحْلَامِ وَامْتَهِنِيْنِي
                                                                    حُرّيَةً بِالعِشْقِ تَكْسُرُ وَخْزَهَا
                                                                            رَغْمَ اشْتِهَاءِ القّيْدِ للمَسْجُونِ
                                                                    فَأَنَا مَصَابِيْحُ الضِفَافِ مَدَائِنِي
                                                                            فَخُذِيْ ضِفَافِي وَاْعْتُقِي مَجْنُونِي