المقهى الطافي أمام بيت العجائب - محمد الحارثي

على الساحلِ المُسمى بالسَّـواحيلية: فَـرَضاني
كان السلطانُ يرقبُ أبدان السفن التي تُضَمّخُ
موانئ اليابسة بشذى القُرنفل.
فبعد أن خانهُ الخِلان
وهربت الأميرة
أضحت تلك تسليتهُ الوحيدة
في فـصِّ خاتم الجزيرة.
على هذا الساحل
(المُـتكـتِّم على ينابيع حكايته تلك)
يتأرجحُ المقهى الطافي
بندولاً قطباهُ الذكرى والنسيان
الأسطورةُ ونسيمُـها المرفرف
في الأشرعة المثلثة
كما لو كانت ساعةُ الزمن
راسيةً في مينائها البكر
أو
كما لو كانت مُبحِـرةً
في غُـروب مرآة.
عَـبرتْ قهوتَـهُ الحروبُ
وتلـوّنت فوق سـاريته
الأعـلام.
بكـى واستبكى الموجةَ التي
تحت قدميه.
امتدحَ زجاجه المكسور
وطاولاته التي طاولت
أعناق السفن
ثم
استـأسدَ في عَـريشِ غابته
ظافراً بإمبراطوريةٍ وخطايا.
بيـدَ أن للذنوب غفّـارُها
فالعاطلون عن كهرمان الحياة،
قاطفو ثمرات جوز الهند
والبحارة المزمنون يرتادونهُ
في قيـلولاتِ الحيلة.
وبين الفينةِ والأخرى
شقراواتٌ بمعاطف سـفاري
يبتسمن بين أفخاذهنّ
لساحرٍ يعـتصرُ زجاجةَ ميرندا
ويقرأ كفَّ اليابسـة في الأماسي
ذات الشمس الحمراء، الأماسي التي
لا تكـلُّ من تكرار شمسٍ حمراء
وأطفالٍ على حافة الزرقة
يـترنمـون بصوتٍ يكاد أن يكون
واحداً:
من يُـباهي بقفزة
كهـذه؟
"ترنـيمةٌ خِـلتُهـا مقهى طافٍ أمام
بيتِ العـجـائب"
قال غريقٌ في بحر الظلمات..
لكنَّ بحاراً - أطـفأ سيجارتهُ المُـعشـوشبة
ونَـشـرَ شراعهُ المثـلث -
كانَ قد سبـقـهُ إليها.