رجل لصباح مهزوم - محمد الحارثي

كأنما قادم من الليل
كأنما ذاهب إلى الوظيفة
بلا يد تلوّحُ لشجرة في المحطة
يداعب غفوة المقاعد
في قاطرة تستدرج
صباحاً صغيراً إلى حتفه.
كأنما،
والمدينة رويداً رويداً تـأفُل
رويداً رويداً يزنِّر رائحة الليل
في سرير مهزوم بشمس
اللذة
وهي ترسمُ فتاة البارحة
بريشة النعاس.
كأنما، وهو يبشر النهار بالماء، كعشبة
سوف تمر بعد قليل
لا يشبه نوافذه المكسورة
في وصية.
كأنما النافذة
بلا مشهد مشمسٍ
والشمسُ بلا ليلٍ نافذ
يسيل من أصابعه
التي تُبكر في إيقاظ حانة
لمن تنم جيداً في المدينة الأخرى.
كأنما سيجارةٌ:
كل صورة أطفأتها محطةٌ عابرة
كل يدٍ تفكر في الكبريت
كل قهوة لم يحضرها النادل
وكل صمت في النافذة.
كأنما عجوز
يقرأ جريدة
في المقعد المثبت
في بياض السقف.
كأنما امرأةٌ
في العربة الأخرى
تفكر في الوقت
الآيل للسقوط في الحب.
كأنما الربعُ والشتاء
يتناوبان النافذة..
كأنما الخريف أيضاً
يبحث عن غابةٍ.
كأنما الشمسُ
وريشة النعاس
تُنادمان اللون
قرب الفتاة التي اكتمل
رسمها (كأنما ابتسامةٌ لا تنتهي)
كأنما السريرٌ
مرةً أخرى..
وكأنما لا يصل
إلا بخنجر في الظهر
يلمع الآن خارج المحطة.