الصائد - محمد الحارثي

[إلى روح محمد بن سعيد، شهيداً بلا جسد]
عام 1989، حيث التقينا في الجزيرة لأول مرة
في سيارة لاندروفر؛ كانت أحلامنا البسيطة
تقود حاسة السلاحف إلى ساحل أضاءه الله
بفيروز الأبديّـة.
كانت الليالي حقلاً
من الملائكة
والحدائق
قيامةً من الذكريات
والوظيفة
محرابنا الوحيد
الذي تؤمّـهُ زهور برية
تصلي الجمعة
في هواء طلق
ينثره تشايكوفسكي
مصيدةً واسعة للحنين.
.. والحرب التي ربما تنتظر
لم تلقِِ أوزارها بعد
كما لم تبدأ في غيابي.
أنت الباحث
عن عسل الأيام
في قارورة الصبر
تخفي دمعة الشمعة
في مشكاة البيت
وترحل
بفرحة نمر يخمش قصيدته الأولى
في السماء.
⌂⌂⌂
أعرف أنك لم تعد تبتسم لحجرٍ
يخفي الشمس في الأعراس
ولم تعد تتلو القرآن في المكتبة..
لم تعد حتى طائرة ورقية
يذرفها الأهلون
كما لم يعد بحرُ العرب
حصيرة بيضاء
لخطواتي.
كانت أحلامنا البسيطة
فقط
وغرفة بلا صديقين
يُحدقان في بوصلة
يكسوها دم المـأتم.
كانت أيضاً:
نافورة صغيرة
من الأسرار
في ساحل بعيد
جفت في حوضه
دموع النسر.