وَقْفٌ عَلى العَبَرَاتِ هَذا النّاظِرُ - الشريف الرضي

وَقْفٌ عَلى العَبَرَاتِ هَذا النّاظِرُ
وَكَفَاهُ سُقْماً أنّهُ بِكِ سَاهِرُ

رُدّي عَلَيْهِ مَا نَضَا مِنْ لحظِهِ
خداك والغصن الوريق الناضر

فلأنت آمن ان يلومك عاذل
في فَرْطِ حُبٍّ، أوْ يَغُرَّكِ عَاذِرُ

هَذا الفِرَاقُ، وَأنْتِ أعْلَمُ بالهَوَى
فارعى فايام المحب غوادر

وانا الفداء لمن اباح حمى الهوى
فَغَدَتْ تَطَاهُ مَنَاسِمٌ، وَحَوَافِرُ

حوشيت ان القاك سارق لحظة
تلد الوفاء وام عهدك عاقر

وابى الهوى ما كدت اسلو في الكرى
إلاّ ارْتَقَى طَرْفي الخَيالُ الزّائِرُ

اليَوْمَ جَارَ البَيْنُ في أحْكَامِهِ
فكأن اسباب الوفاء جرائر

هَذِي الدّيَارُ لهَا بِمُنْعَرَجِ اللّوَى
قَفْراً، تَجَنّبَهَا الغَمَامُ البَاكِرُ

أرْضٌ أقُولُ بِهَا لِسَانِحَة ِ المَهَا:
انا ان عثرن لعاً وقلبي العاثر

قالَتْ وَقَد غَمرَتْ دُموعي وَجْنَتي:
لله ما فعل المحل الداثر

أغضَيتُ عن وَجهِ الحَبيبِ تَكَرُّماً
واريته ان الجفون كواسر

هَبْ لي وَحَسبي نَظرَة ٌ أرْنُو بِهَا
فَمَقَرّهَا وَجْهُ الحُسَينِ الزّاهِرُ

فَلَثَمّ أبْلَجُ إنْ أهَلّ جَبِينُهُ
جمحت اليه خواطر ونواظر

قرب الغمام فعن قريب ينثني
فيبل مربعك العريض الماطر

ان حل بيدا فالخلاء محافل
او قاد خيلاً فالسروج منابر

يا ابنَ الأكَابِرِ لا أقَمْتَ بِمَشْهَدٍ
إلاّ وَذِكْرُكَ في المَكَارِمِ سَائِرُ

مَا سِرْتَ حَتّى سَارَ نَعْتُكَ أوّلاً
فسريت تتبعه وهمك آخر

نَفَثَتْ لكَ الأمطارُ في عُقَدِ الرُّبَى
فقصدتها ان الغمام لساحر

ذلل ركابك اين سرت كأنما
وَصّى المَطيَّ بِكَ الجَديلُ وَداعِرُ

مَا ضَرّ مَنْ شَرِبَ الحِمَامَ تكَرُّهاً
بِظُبَاكَ في رَوْعٍ، وَأنتَ تُعَاقِرُ

قُضُبَ الأعَادِي لا تَرُومي ضَرْبَهُ
أبَداً، فَأنْتِ لِمَا يَخُدّ مَسَابِرُ

سايَرْتُ أزْمَاني، فَلَمْ أبلُغْ مَدًى
حتى استقل بي الثناء السائر

وَصَحِبْتُ أيّامَ الهَوَى فَرَأيْتُهَا
سرحا حمته عواذل وعواذر

ورأيت اكبر ما رأيت متيماً
مُتَنَازِعَاهُ آمِرٌ، أوْ زَاجِرُ

فنَدِمتُ بَعدَ الحبّ كَيفَ أُطِيعُهُ
وَعَصَيْتُ عَزْمَاتي، وَهُنّ أوَامِرُ

ابكي على الايام وهي ضواحك
في وجه غيري وهو فيها حائر

لَوْ شَابَ طَرْفٌ شابَ أسوَدُ ناظرِي
من طُولِ ما أنا في الحَوَادثِ نَاظِرُ

او ان هذي الشمس تصبغ لمة
صبغت شواتي طول ما انا حاسر

او كان يأنس بالانيس اوابد
يَوْماً، لَزَمّ ليَ النّعَامُ النّافِرُ

مَا المَجْدُ إلاّ في السُّرَى ، وَالحَمْدُ إ
الا في القرى والمستغر الخاسر

وَغداً أُمَشّي العِيسَ بَينَ حَطِيطَة ٍ
ووديقة لم يغن فيها ماطر

تندى مناسمها دمى وشفاهها
تندى لغاماً والخفاف مشافر

يَخبِطْنَ أجوَازَ الصّفيحِ على الوَجَى
وَاللّيْلُ مُنْتَشِرُ القَوَادِمِ طَائِرُ

بينا يوسدنا الكرى اعضادها
حتّى قَذَفْنَ النّوْمَ، وَهْيَ نَوَافِرُ

خوص كان عيونها في هامها
قلبٌ بعدن عن الورود غوائر

واذا عبرن بماء واد جزنه
عجلاى يخدن كانهن صوادر

وَإلَيكَ أنحَلَتِ الفَلا أخْفَافَهَا
تطوى بهن قبائل وعمائر

يَحْمِلْنَ رَكْباً مُغرَمِينَ، إذا سرَوْا
رُفِعَتْ لهُمْ تَحْتَ الظّلامِ عَقَائِرُ

نحلوا من البلوى نحول مطيهم
فَضَوَامِرٌ مِنْ فَوْقِهِنّ ضَوَامِرُ

فَأتَتْكَ لَوْ كَلَّفْتَ مَا كَلّفْتَها
نوب الزمان اتتك وهي زوافر

لله صبرك حيث تفترق الظبى
بين الهوادي والقنا متشاجر

واليومُ اسود لمة من ليله
سَتَرَتْكَ مِنْهُ ذَوَائِبٌ وَغَدائِرُ

في حَيْثُ سُدّ عَلى الطّيورِ مَجالُها
حتّى رَعى مَا في الوُكُورِ الطّائِرُ

لثمت خد الشمس منه بأسود
وَالنُّورُ يَشْهَدُ أنّ وَجْهَكَ سَافِرُ

يوم تود السمر ان صدورها
لِتَعُدّ مَا كَسَبَتْ يَداكَ، خَنَاصِرُ

وَالسّبْيُ تَعْصِفُ بِالجُيُوبِ أكُفُّها
في جَنْبِ ما عَصَفَتْ قَناً وَبَوَاتِرُ

فعلى النساء من الخروق يلامق
وعلى الرجال من النجيع مغافر

ولّـوا وايديهم على هاماتهم
فكانما تلك الاكف معاجر

وَبَذَلْتَ أجْسَادَ الكُمَاة ِ لوَحْشَة ٍ
فَعَلِمْنَ أنّكَ أنْتَ فِيهِ الظّافِرُ

انى تعرس فالرياض مطافل
لسَوَامِ إبْلِكَ، وَالوُحوشُ جآذِرُ

واذا تسالم فالسموم صوارد
واذا تحارب فالنسيم هواجر

وَكأنّ رُمحَكَ حالِبٌ لِدَمِ الطُّلَى
وَكَأنّ سَيفَكَ في الجَماجمِ جَازِرُ

لو تعلم الافلاك انك والدي
لَمْ تَرْضَ أنّي للسّمَاءِ مُصَاهِرُ

وَبحَسْبِ جُودكَ أنّني لكَ مَادِحٌ
وَبحَسْبِ مَجدِي أنّني بِكَ فَاخِر

إنّ الّذِي حَلّتْهُ غُرُّ مَدائِحي
نَدْبٌ كَسَاهُ مَفَاخِرٌ وَمَآثِرُ

كثرت نعوت صفاته في مدحه
فكان مادحه المفوه سامر

كفل البقاء بنفسه فلو انقضى
ذا الدهر عاوده الزمان الغابر

واليوم كمن في صدره لك آمل
يعطى وكم في عجزه لك شاكر

أمُعَثِّرَ الأحْداثِ في أذْيَالِهَا
ناجاك مدحي والجدود عواثر

اني رضيتك في الزمان ممدحاً
وعلاك لا ترضى بأني شاعر