لا زَعزَعَتكَ الخُطوبُ يا جَبَلُ - الشريف الرضي

لا زَعزَعَتكَ الخُطوبُ يا جَبَلُ
وبالعدا حل لا بك العلل

قد يوعك الليث لا لذلته
على الليالي ويسلم الوعل

لا طرق الداء من بصحته
يصح منا الرجاءُ والأمل

حاشاك من عارض تراع به
ذاكَ فُتُورُ النّعيمِ وَالكَسَلُ

النجم يخفى وأنت متضح
والشمس تخبو وأنت مشتعل

وأنت لا مرهق ولا قلق
والبدر مستوفز ومنتقل

وعك كما يطبع الحسام وفي
جَوْهَرِهِ صَاقِلٌ لَهُ عَمِلُ

ما ضَرّهُ ذاكَ، وَهوَ مُنصَلِتٌ
تسقط منه الرقاب والقلل

ما صرف الدهر عنك أسهمه
فكل جرح يصيبنا جلل

باق نخطاك كل نائبة
إلى العِدا، وَالنّوَازِلُ العُضُلُ

قد ضمن الله أن تدوم لنا
مسلماً والزمان والدول

ما قدروا لا علت جدودهم
وَلا نَجَوْا بَعدَها، وَلا وَألُوا

لا خَوْفَ، وَالجَدُّ مُقبِلٌ أبَداً
على الليالي وأنت مقتبل

هل قدم الطود وهي راسخة
يخاف منها العثار والزلل

فاتفضي أيها الرؤوس لها
وَاستَوْثِقي للقِيَادِ يا إبِلُ

ـهَا الشّدّة ُ وَال
غُرُوضُ وَالعُقُلُ

لا تَرْتَعي مُعْشِباً، مَنَابِتُهُ
بيض الظبى والواسل الذبل

تَرْعَى سَوَامَ العَبيدِ هَيبَتُهُ
فكَيفَ يَرْضَى ، وَذَوْدُهُ هَمَلُ

فقُلْ لِغَاوٍ مَشَى الظّلامُ بِهِ:
أين إلى أين قادك الخطل

طَمِعتَ أنْ تَرْتَقي بِلا قَدَمٍ
إلى العُلى ، رَاعَ أُمَّكَ الثكَلُ

حَلِمتَ في نَوْمَة ِ الغُرُورِ بِهَا
شَرَّ حُلُومٍ وَغَرّكَ المَهَلُ

فاحذَرْ مَرَامي الأقدارِ عَنْ مَلِكٍ
ـرَاهَا نَمُومٌ وَعَرْفُهَا ثَمَلُ

أتَزْحَمُ البَحْرَ في غُطَامِطِهِ
أمْ تَتَعَاطَى السّيُولَ، يا وَشَلُ

هَيهاتَ أنْ يَسبُقَ الجِيادَ وَجٍ
ويطلع الغاد قبلها وجل

بادرت نهب العلا فرجرجه
بُوعٌ طِوَالٌ وَأذْرُعٌ فُتُلُ

رَأى لِصَاباً، فَشارَهَا صَبِراً
ذق الجنى قد أظلك العسل

سطو أقام العدا على قدم
وَقَوّمَ المَائِلِينَ، فاعتَدَلوا

قَدْ سَبَقَ السّيفُ عَذْلَ عاذِلِهِ
لمَّا تَجَارَى الحُسَامُ وَالعَذَلُ

أليس من معشر بنوا شرفاً
صعباً وفيهم خلائق ذلل

قَشَاعِمٌ طَارَتِ الجُدُودُ بِهمْ
مذ صعدوا في العلاء ما نزلوا

مَدّوا عَلابيَّ مَجدِهم، وَسَمَتْ
بهم رعان الفضائل الطول

المُبشِرَاتُ العُلَى مَنازِلُهُمْ
والقمم العاليات والقلل

كانوا سماءً لنا فلا عجب
أن قطروا بالنوال أو هطلوا

طَالَ لُزُومُ القَنَا أكُفَّهُمُ
يَنآدُ مِنْ طَعنِهِمْ وَيَعتَدِلُ

كَأنّ أيديهِمُ نَبَتْنَ لَهُمْ
مَعَ القَنَا حَيثُ يَنبُتُ الأسَلُ

يستعذب القتل من أكفهم
كَأنّهُمْ يَنْشُرُونَ مَنْ قَتَلُوا

ما أهملوا السائمات حيث رعوا
وَلا أضَاعُوا الأمورَ حينَ وَلُوا

إذا استَهَبّوا سُيُوفَهُم أبَداً
فَلِمْ أُعِدّ الغُمُودُ وَالحُلَلُ

من كان ممطورة مخالبه
على العدا غير أنه رجل

يَعتَرِفُ النّاسُ في مَطالِبِهِ
وَيَلْتَقي عِنْدَ بَابِهِ السُّبُلُ

يُرَى جَبَاناً عَنْ رَدّ سَائِلِهِ
وهو إذا اعصوصب الوغى بطل

بعوده عند ضنه يبس
وَفي يَدَيْهِ مِنَ النّدَى بَلَلُ

ألبستيها بغيظ طالبها
وَغُودِرَتْ في الأضَالِعِ الغُلَلُ

أصْبَحَ كَيدُ العَدُوّ يَجذِبُهَا
عَنّي، لأيدي الجَوَاذِبِ الشّلَلُ

مالي إذا شئت أن أزاد خلى
مِنْ غَيرِكُم كانَ حَظّيَ العَطَلُ

أرى نهاباً تساق حافلة
لا ناقة لي بها ولا جمل

وَشَرُّ مَا يَرْجِعُ الغَرِيُّ بِهِ
أنْ عَادَ يَرْمي، وَفَاتَهُ الوَعِلُ

أين ندى كفك الكريم لها
وأين عادات طولك الأول

بنا الأذى لا بكُم، إذا نَزَلَ الخَطْـ
ـبُ طَرُوقاً، وَصَمّمَ الأجَلُ

وَدُمتُمُ للعُلَى ، وَعَيْشُكُمُ
غَضٌّ، وَرَاوُوقُ عِزّكمْ خَضِلُ

لا عَجَبٌ إنْ نَقيكُمُ حَذَراً
نحن جفون وأنتم مقل