قِفْ مَوْقِفَ الشّكّ لا يأسٌ وَلا طمعُ - الشريف الرضي

قِفْ مَوْقِفَ الشّكّ لا يأسٌ وَلا طمعُ
وغالط العيش لا صبر ولا جزع

وَخادعِ القَلبَ لا يُودِ الغَليلُ بِهِ
إنْ كَانَ قَلْبٌ عَلى المَاضِينَ يَنخدعُ

وَكاذِبِ النّفسَ يَمتَدّ الرّجَاءُ لهَا
إنّ الرّجَاءَ بصِدْقِ النّفسِ يَنقَطعُ

سَائِلْ بصَحبيَ أنّى وُجهَة ٍ سَلَكوا
عنا واي الثنايا بعدنا طلعوا

حدا باظعانهم حتى استمر بها
حادي المقادير لا يلوى بهم ظلع

غَابُوا فَغَابَ عَنِ الدّنْيَا وَسَاكِنِها
مرأً انيق عن الدنيا ومستمع

بَني أبي قَد نكَى فيكُمْ بشِكّتِهِ
وَنَالَ مَا شَاءَ هذا الأزْلمُ الجَذَعُ

كنتم نجوماً لذي الدهماء زاهرة
تضيء منها الليالي السود والدرع

ان تخب انواركم من بعدما صدعت
ثوب الدجا فلضوء الشمس منقطع

في غُرّة ِ المَجدِ مُذْ غُيّبتُمُ كَلَفٌ
على الزمان وفي خد العلى ضرع

وبالمواضي حران في الوغى وباعناق
ـنَاقِ الضّوَامِرِ مُذْ أُرْحِلتُمُ خَضَعُ

مصاعب ذعذعت ايدي المنور بها
فطاع معتصم وانقاذ ممتنع

لم يعدموا يوم حرب تحت قسطلها
طير الرخام على لباتهم تقع

لم يَنزِعوا البيضَ مُذ لاثوا عَمائِمَهمْ
إلاّ وَقد غاضَ منها الشّيبُ وَالنَّزَعُ

نُسَابِقُ المَوْتَ تَطوِيحاً بأنْفُسِنَا
حَتّى كَأنّا عَلى الآجَالِ نَقتَرِعُ

ابكيهم ويد الايام دائبة
تَدوفُ لي فَضْلة َ الكأسِ التي جرَعُوا

لا امتري انني مجرٍ الى امد
جَرَوْا إلَيْهِ قُبَيلَ اليَوْمِ أوْ نَزَعُوا

وَأنّني وَارِدُ العِدّ الذي وَرَدُوا
بالكره أو قارع الباب الذي قرعوا

سدت فواغر افواه القبور بهم
وليس للارض لا ريٌّ ولا شبع

اعتادهم لا ارجى ان يعود لهم
إليّ ماضٍ، وَلا لي فيهِمُ طَمَعُ

فما توهج احشاي على نفر
كانوا عوادي للايام فارتجعوا

نليح ان ترتعي الاقدار انفسنا
وَكُلّنَا للمَنَايَا السّودِ مُزْدَرَعُ

نلهوا وما نحن الا للردى اكل

كانوا حوامي جبال العز فانقرضوا
وصدعوا قلل العليا مذ انصدعوا

فوارس قوضوا عن سابقاتهم
فاستُنزِلُوا بطِعَانِ الدّهْرِ وَاقتُلِعُوا

قوم فكاهتهم ضرب الطلى ولهم
تحتَ العَجاجِ بأطْرَافِ القَنَا وَلَعُ

إمّا تَؤودُ مِنَ الأيّامِ نَائِبَة ٌ
قاموا بها واطاقوا الحمل واضطلعوا

لا تَسْتَلِينُهُمُ الضّرّاءُ نَازِلَة ً

كم خمصة كان فيها العز آونة
وشيعة كان فيها العار والضرع

مِنْ كُلّ أغلَبَ نَظّارٍ عَلى شَوَسٍ
له لواء على العلياء متبع

يخفى به التاج من لألأ غرته
على جبين بضوء المجد يلتمع

ذو عزمة تلهم الدنيا وساكنها
وهمة تسع الدنيا وما تسع

يَلقَى الظُّبَى حاسِراً تَبدُو مَقاتِلُه
وَيَرْهَبُ الذّمَّ يَوْماً، وَهوَ مدّرِعُ

إنّ المَصَائِبَ تُنسِي المَرْءَ مُقبلَة ً
قصد الطريق لما يسلي وما يزع

حَتّى إذا انكَشَفَتْ عَنْهُ غَياطِلُها
تبين المرؤ ما يأتي وما يدع

أرْسَى النّسيمُ بِوَاديكُمْ وَلا بَرِحَتْ
حوامل المزن في اجداثكم تضع

وَلا يَزَالُ جَنِينُ النّبْتِ تُرْضِعُهُ
على قبوركم العراضة الهمع

هَلْ تَعلَمُونَ عَلى نَأيِ الدّيَارِ بكم
أنّ الضّمِيرَ إليكُمْ شَيّقٌ وَلِعُ؟

لكم على الدهر من اكبادنا شعل
مِنَ الغَليلِ، وَمن آماقِنا دُفَعُ

لواعج افصحت عنها الدموع وقد
كادَتْ تَجُمجمُها الأحشاءُ وَالضِّلَعُ

أنزَفْتُ دَمْعيَ حَتّى مَا تَرَكْتُ لَهُ
غَرْباً يَفيضُ عَلى رُزْءٍ، إذا يَقَعُ

ثم اضطررت الى صبري فعدت به
وَأعرَبَ الصّبرُ لمّا أعجَمَ الجَزَعُ