لمن الحدوج تهزهن الأنيق - الشريف الرضي

لمن الحدوج تهزهن الأنيق
وَالرّكْبُ يَطفُو في السّرَابِ وَيَغرَقُ

يَقطَعنَ أعرَاضَ العَقِيقِ، فمُشئِمٌ
يحدو ركائبه الغرام ومعرق

أبقوا سيراً بعدهم لا يفتدى
مما يجن وطالباً لا يلحق

يهفو الولوع به فيطرف طرفه
وَيَزِيدُ جولانُ الدّمُوعِ، فيُطرِقُ

ووراء ذاك الخدر عارض مزنة
لا ناقع ظمأً ولا متألق

وَمُحَجَّبٍ، فإذا بَدَا مِنْ نُورِهِ
للرّكْبِ مُلتَهِبُ المَطالِعِ مُونِقُ

خَرّوا عَلى شُعَبِ الرّحَالِ وَأسنَدُوا
أيدي الطّعَانِ إلى قُلُوبٍ تَخفِقُ

هَلْ عَهدُنَا بَعدَ التّفَرّقِ رَاجِعٌ
أو غصننا بعد التسلب مورق

شوق أقام وأنت غير مقيمة
وَالشّوْقُ بالكَلفِ المُعَنّى أعلَقُ

ما كنتُ أحظَى في الدّنُوّ فكَيفَ بي
واليوم نحن مغرّب ومشرق

مِنْ أجلِ حُبّكِ قُلتُ عاوَدَ أُنسَهُ
ذاكَ الحِمَى وَسُقي اللّوَى وَالأبرَقُ

طرق الخيال ببطن وجرة بعدما
زَعَمَ العَوَاذِلُ أنّهُ لا يَطْرُقُ

أتحنناً بعد الرقاد وقسوة
أيّامَ أُصْفِيكِ الوِدادَ وَأُمْذَقُ

إني اهتديت وما اهتديت وبيننا
سور عليَّ من الطعان وخندق

وَمُطَلَّحِينَ لَهُمْ بِكُلّ ثَنِيّة ٍ
ملقى وسادته الثرى والمرفق

أوْ قابِضِينَ عَلى الأزمّة ِ، وَالكَرَى
يَغشَى أكُفَّهُمُ النّعَاسُ، فتَمرُقُ

أوموا إلى الغرض البعيد فكلهم
ماض يخب مع الرجاء ويعنق

وإلى أمير المؤمنين نجت بهم
ميل الجماجم سيرهن تدفق

كنقانق الظلمان أعجلها الدجى
وَحَدَا بهَا زَجِلُ الرّوَاعدِ مُبْرِقُ

يطلبن زائدة المكارم والندى
حيث استقر بها العلاء المعرق

الزَاخِرُ الغَدِقُ الذي يُرْوَى بِهِ
ظَمَأُ المُنَى ، وَالوَابِلُ المُتَبَعِّقُ

أبُغَاة َ هذا المَجدِ إنّ مَرَامَهُ
دَحضٌ يُزِلّ الصّاعِدِينَ وَيُزْلِقُ

هيهات ظنكم تمرد مارد
مِنْ دُونِ نَيلِكُمُ، وَعَزّ الأبْلَقُ

لا حرجوا هذي البحار فربما
كَانَ الذي يَرْوِي المَعاطِشَ يَغرَقُ

وَدَعُوا مُجَاذَبَة َ الخِلافَة ِ، إنّهَا
أرَجٌ بِغَيرِ ثَنَائِهِمْ لا يَعبَقُ

غنيت بهم تحتز دون منالها
قمم العدى ويرد عنها الفيلق

كَعَقائِلِ الأبطَالِ تُجلَبُ دُونَها
بيض القواضب والقنا المتدقق

فهم لذروتها التي لا ترتقي
أبداً وبيضتها التي لا تفلق

أشفت فكنت شفائها ولقد ترى
شلواً بأظفار العدو يمزق

كنت الصباح رمى إليها ضوءه
ومضى بهبوته الظلام الأورق

فسنامها لا يمتطى ونباتها
لا يُختَلَى ، وَفِنَاؤهَا لا يُطْرَقُ

وَوَزَنْتَ بالقِسْطَاسِ غَيرَ مُرَاقَبٍ
وَالعَدْلُ مَهْجُورُ الطّرِيقِ مُطَلَّقُ

في كُلّ يَوْمٍ للعَدُوّ، إذا التَوَى
بِظُبَاكَ يَوْمُ أُوَارَة ٍ وَمُحَرِّقُ

أنْتُمْ مَوَادِعُ كُلّ خَطْبٍ يُتّقى

وأبوكم العباس ما استسقى به
بعد القنوط قبائل إلا سقوا

بعج الغمام بدعوة مسموعة
فأجَابَهُ شَرْقُ البَوَارِقِ مُغْدِقُ

ما منكم إلا ابن أم للندى
أو مصبح بدم مصبح بدم الأعادي مغبق

لله يَومٌ أطلَعَتكَ بِهِ العُلَى
علماً يزاول بالعيون ويرشق

لما سمت بك غرة موموقة
كالشمس تبهر بالضياء وتومق

وبرزت في برد النبي وللهدى
نور على اطرار وجهك مشرق

وعلى السحاب الجود ليث معظماً
ذاك الرداء وزر ذاك اليلمق

في مَوْقِفٍ تُغْضِي العُيُونُ جَلالَة ً
فِيهِ، وَيَعثُرُ بالكَلامِ المَنطِقُ

وَكَأنّمَا فَوْقَ السّرِيرِ، وَقَد سَمَا
أسد على نشزات غاب مطرق

والناس إما راجع متهيب
مما رأى أو طالع متشوق

مَالُوا إلَيكَ مَحَبّة ً، فَتَجَمّعُوا
وَرَأوْا عَلَيكَ مَهابَة ً، فتَفَرّقَوا

وطعنت من غرر الكلام بفيصل
لا يستقل به السنان الأزرق

وَغَرَسْتَ في حَبّ القُلُوبِ مَوَدّة ً
تزكو على مر الزمان وتورق

وأنا القريب إليك فيه ودونه
لِيَدَيْ عَدُوّكَ طَوْدُ عِزٍّ أعنَقُ

عَطْفاً، أمِيرَ المُؤمِنينَ، فإنّنَا
في دَوْحَة ِ العَلْيَاءِ لا نَتَفَرّقُ

مَا بَيْنَنَا، يَوْمَ الفَخَارِ، تَفَاوُتٌ

إلاّ الخِلافَة َ مَيّزَتْكَ، فَإنّني
أنَا عَاطِلٌ مِنهَا، وَأنتَ مُطَوَّقُ