الحُزن الآخر - محمد العلي

كان للحُزن عندك منذ الطفولة
زبدٌ أبيضٌ مثل دجلة،
كان يرتاعُ منك و ترتاعُ منه
و إذ يُجهش الليل، تُدنيه
تُدنيه حتى الشغاف
و تُطلان من شرفة الوهم
فوق ذبول الأماني القليلة.
كان متئداً كالضباب على البحر
يُقبلُ شيئاً فشيئاً
و يرقص شيئاً فشيئاً
و يكبُر، يصغُر، مثل اختلاج فاتنةٍ
تتوهّجُ فوق الفُرات
و تنظرُ في مائه ثم تهمس: إني جميلة.
كان حزنك طفلاً تعثّر في لعبه، فاستشاط
و أرخى على كل شيءٍ سدوله
كان شعراً تفجرَ إلا قليلا
فناح عليه انتظارُ القوافي
وما قد تأهّب في الغزل المستسِر المراوغ
للبوحِ في لغةٍ مستحيلة.
فأين هو الآن؟
قد جاء حُزنٌ غريب
يلطخ كل الوجوه وكل القلوب
وكل المعاني النبيلة
جاء حزن الحواة
جاء حزن الطغاة
جاء حزن الرذيلة.