جرّي النسيم على ماء العناقيد - الشريف الرضي

جرّي النسيم على ماء العناقيد
وَعَلّلي بِالأمَاني كُلَّ مَعْمُودِ

يا نَفْحَة ً هَزّتِ الأحْشَاءَ شَائِقَة ً
وذكرت نفحات الخرد الغيد

يضمها الليل في اثناء غيهبه
وَالقَطْرُ يَلْمَسُ أطْرَافَ الجَلامِيدِ

كأنّها عَنْ طَرِيقِ المُزْنِ طائِشَة ً
لَحْظٌ تُرَدّدُهُ أجْفَانُ مَزْؤودِ

لَيْتَ الأحِبّة َ أغْرَينَ الرّيَاحَ بِنَا
وان نأين على شحط وتبعيد

وَلَيْتَهُنّ عَلى يَأسِ اللّقَاءِ لَنَا
عَلّلْنَ بالوَعْدِسَيرَ الضُّمّرِ القُودِ

أبِيتُ، وَاللّيْلُ مَبْثُوثٌ حَبَائِلُهُ
وَالوَجْدُ يَقنِصُ مِنّي كُلَّ مَجلودِ

شَوْقاً إلَيكَ، وَإشفاقاً عَلَيكَ، وَلي
دَمعانِ مَا بَينَ مَحْلُولٍ وَمَعقُودِ

لَيسَ الغَرِيبُ الذي تَنأى الدّيارُ بهِ
إنّ الغَرِيبَ قَرِيبٌ غَيرُ مَوْدُودِ

يا طائر البان ما غربت عن سكن
يوماًولا كنت عن مأوى بمطرود

وانت في ظل افنان مهدلة
تحنو عليك بقنوان العناقيد

مَلأتَ عُشّيكَ طَعماً غيرَ مُحتَلَسٍ
بلا رَقيبٍ، وَوِرْدٍ غَيرِ تَصْرِيدِ

تبكي ومالك من الف فجعت به
وَلا لُوِيتَ، عَلى بُعْدٍ، بِمَوْعُودِ

ظلمت ما انت من همي ولا كمدي
إنّ العَلِيلَ لَقَلْبٌ عَادَهُ عِيدِي

انا الذي ان بكى وجداً فحق له
كم بين باك من البلوى وغريد

وَخُلّة ٍ جُذِبَتْ تَثْني مَوَدّتَهَا
عَنّي، وَأمسَكْتُ عَنْهَا بالمَوَاعِيدِ

مني الى الدهر شكوى غير غافلة
عن موثق بحبال العجز مصفود

يُحارِبُ الهَمَّ إنْ مَالَ الرُّقَادُ بِهِ
حتى تجلى غيابات المراقيد

بيني وبين المنى اني اقول لها
بيني وبينك قطع البيد والبيد

وَسَاهِمِينَ عَلى الأكْوَارِ دَأبُهُمُ
قرع السياط باعناق المقاحيد

عاطيتهم من علالات الكرى نطفاً
وَالسّيرُ يَرْجُمُ جُلمُوداً بجُلمُودِ

وللحداة على آثارنا زجل
يُغزِي المَطَايَا بأجوَازِ القَرَادِيدِ

يُقَطَّعُونَ حُبَى الأيّامِ عَنْ طَبَعٍ
وَتَحْتَبي بِالمَعَالي وَالمَحَامِيدِ

ويهجرون اذا جدت عزائمهم
دنيا تلاعب بالغر المجاويد

ما الفَقرُ عارٌ وَإنْ كَشّفتَ عَوْرَتَهُ
وانما العار مال غير محمود

تُلْقَى أكُفّهُمُ في كُلّ نَائِبَة ٍ
ملوية بحبال البأس والجود

إنْ صَاحَ صَائحُهم يوْمَ الوَغى هَجَموا
عَلى السّوَابِقِ بالبِيضِ المَذاوِيدِ

وَكَمْ عَدُوّ مَشَتْ فِيهِ رِماحُهمُ
فاستَنصرَ الرّكضَ من جرْداءَ قَيدودِ

مِنْ كُلّ أبْلَجَ إنْ خَبّتْ عَزَائِمُهُ
القت اليه الاماني بالمقاليد

إذا تَحَرّقَ، أحْشَاءُ الفَلا مُلِئَتْ
من رعيه خاطر الريبال والسيد

وَإنْ جَرَى شرِقَتْ بالخَصْلِ رَاحَتُهُ
أخذاً وَبَدّدَ أنْفَاسَ المَجَاهِيدِ

يابنَ الحُسَينِ وَما دَعوَايَ كاذِبَة ً
اذا نسبتك في الشم المناجيد

الطاعنين من الاعداء ما لحقوا
والخيل تلطم هامات الصياخيد

معودون من الايام مرتبة
لا يستطيل اليها كل صنديد

يأبون يلبس الاظلام ربعهم
ليلاً وما عذبوا طرفاً بتسهيد

ويغضبون اذا عاطيتهم همماً
مُرَفَّهَاتٍ، وَهَمّاً غَيرَ مَكْدُودِ

هُمُ الضّيُوفُ لأِرْضٍ غَيرِ آهِلَة ٍ
من الانيس وورد غير مورود

فانمت ابسطهم باعاً اذا بسطوا
ايديهم لوعيد أو لموعود

الان جاءت خيول السعد راكضة
تَجرِي بِيَوْمٍ مُضِيءِ الوَجهِ مَجدودِ

بمولد صقل الاباء حليته
فَطَوّقَ المَجْدُ أعْنَاقَ المَوَالِيدِ

مَوْلُودَة ٌ نَهَبَ الرّاؤونَ بَهْجَتَها
لثماوعانقها في ثوب محسود

كانَتْ شِهاباً كسا ظَلماءَهُ وَضَحاً
وَاللّيلُ يَدْخُلُ في أثْوَابِهِ السّودِ

جاءت بها ليلة تثنى سوالفها
في صدر يوم رشيق القد املود

لله شمس عليّ جاءت بجوهرة
غَرّاءَ، عَنْ قَمَرٍ بالمَجْدِ مَسعُودِ

ما عددت منك الا نطفة سلكت
الى الاماني طريق الماء في العود

نشرت منها خماراً في الفخار طوى
مع النوائب تيجان الصناديد

شَرِيفَة ٌ رَشّحَتْ مِنْهَا مَنَاسِبُها
لحلية العز مجرى الليث والجيد

ما كنتَ تَقبَلُ بَذْلَ الدّهرِ تَكرِمَة ً
حَتّى حَبَاكَ بِبَذْلٍ غَيرِ مَرْدُودِ

أعطَاكَ كَنزَ فَخارٍ كَانَ يَصرِفُهُ
من نسل غيرك في شتى عباديد

شجى لنفس شجاع الحرب معترضاً
وَفَرْحَة ً لِفُؤادِ العَاتِقِ الرُّودِ

فرقت عنك العدى تدمى ضمائرها
بِبَاعِ عِزٍّ عَلى الأيّامِ مَمدُودِ

لا زِلْتَ تَملِكُ، وَالأحداثُ رَاغمة ٌ
عِناقَ غُصْنِ الأماني غيرِ مَخضُودِ

وَتَستَنِيرُ لكَ الأيّامُ مُلهِيَة ً
يُنمَى بِهَا كُلُّ إصْباحٍ إلى عِيدِ

يا مطلق السمع والاسماع ما برحت
أسِيرَة ً في يَدَيْ عَذْلٍ وَتَفْنِيدِ

ورب رزء من الايام منهجهم
عَزّاكَ مِنهُ النُّهَى عَن خَيرِ مَفقُودِ

ما زِلْتَ تَرْقُبُ إحسانَ الزّمَانِ لَهُ
حَتّى تَبَدّلْتَ مَوْلُوداً بمَوْلُودِ