طلوع هداه الينا المغيب - الشريف الرضي

طلوع هداه الينا المغيب
وَيَوْمٌ تَمَزّقُ عَنْهُ الخُطُوبُ

لَقِيتُكَ في صَدْرِهِ شَاحِباً
ومن حلية العربي الشحوب

إلَيْهِ تَمُجُّ النّفُوسَ الصّدُورُ
وَفيهِ تُهَنّى العُيُونَ القُلُوبُ

تعزيت مستأنساً البعاد
والليث في كل ارض غريب

وَأحْرَزْتَ صَبْرَكَ للنّائِبَاتِ
وللداء يوماً يراد الطبيب

لحَا اللَّهُ دَهْراً أرَانَا الدّيَا
رَ يَنْدُبُ فِيهَا البَعيدَ القَرِيبُ

وَمَا كَانَ مَوْتاً، وَلَكِنّهُ
فراق تشق عليه الجيوب

لَئِنْ كنتَ لمْ تَستَرِبْ بالزّمَانِ
فقد كان من فعله ما يريب

رمى بك والامر ذاوي النبات
فآلَ، وَغُصْنُ المَعَالي رَطِيبُ

ولما جذبت زمام الزمان
أطَاعَ، وَلَكِنْ عَصَاكَ الحَبيبُ

ولما استطال عليك البعاد
وذلل فيك المطي اللغوب

رَجَوْتَ البُعَادَ عَلى أنّهُ
كَفيلُ طُلُوعِ البُدُورِ الغُرُوبُ

رَحَلْتَ، وَفي كُلّ جَفْنٍ دَمٌ
عَلَيكَ، وَفي كلّ قَلبٍ وَجيبُ

ولا نطق الا ومن دونه
عَزَاءٌ يَغُورُ وَدَمْعٌ رَبِيبُ

وَأنْتَ تُعَلّلُنَا بِالإيَا
بِ، وَالصّبرُ مُرْتَحِلٌ لا يُؤوبُ

وسر العدى فيك نقص العقول
واعلم ان لا يسر اللبيب

اما علم الحاسد المستغرّ
أنَّ الزّمَانَ عَلَيْه رَقِيبُ

قَدِمْتَ قُدُومَ رِقَاقِ السّحَا
بِ تَخُطُّ وَالرَّبعُ رَبعٌ جَدِيبُ

فما ضحك الدهر الا اليك
ـكَ مُذْبانَ في حاجبَيهِ القُطُوبُ

حَلَفْتُ بِمَا ضُمّنَتْهُ الحُجُونُ
وما ضم ذاك المقام الرحيب

لَقَدْ سرّكَ الدّهرُ في الغادِرينَ
بِعُذْرٍ تَضَاءَلُ فيهِ الذّنُوبُ

وَأجْلَى رُجُوعَكَ عَنْ حَاسِديـ
ـكَ هَذا قَتِيلٌ وَهَذا سَلِيبُ

تَحَرّقُ مِنكَ قُلُوبُ العُدا
ة غيظاً وانت ضحوك قطوب

وَأجهَلُ ذا النّاسِ مُسْتَنْهِضٌ
دُعَاءً إلى سَمْعِ مَنْ لا يُجِيبُ

زَعَانِفُ يَستَصْرِخُونَ العُلَى
وما استلب العز الا نجيب

وطال مقامك في منزل
تَطَلّعُ مِنْ جَانِبَيْهِ الحُرُوبُ

بضرب كما اشترطته السيوف
وطعن كما اقترحته الكعوب

ونجل تغلغل فيها الطعان
نُ، وَانشَقّ عَنها النّجيعُ الصّبيبُ

وَصُحْبَة ِ كُلّ غُلامٍ عَلَيْـ
ـهِ مِنْ سِمَة ِ العِزّ حُسْنٌ وَطيبُ

اذا خضب الرمح ادمى به
كَأنّ السّنَانَ بَنَانٌ خَضِيبُ

وَقَطعِكَ كُلَّ بَعِيدِ النّيَاطِ
كَأنّ الجَوَادَ بِهِ مُسْتَرِيبُ

وَأرْضاً، إذا مَا اجتَلاهَا الهَجيـ
هجير طلقها من يديه الضريب

وَمَا زَالَ مِنْكَ عَلى النّائِبَاتِ
مقام عظيم ويوم عصيب

فَيَوْمٌ حُسَامُكَ فيهِ الخَطيبُ
ويوم لسانك فيه الخطيب

طلبت لنفسك فاطلب لنا
مِنَ العِزّ، إنّ المُحَامي طَلُوبُ

وان كنت تانف من حبه
فان العلاء الينا حبيب

وما نحن انت وكل الى
دُعَاءِ العُلَى طَرِبٌ مُسْتَجيبُ

ونحن قسام الينا الشباب
وانت قسام اليك المشيب

على انه انت عين الزمان
وَعَيْشٌ بلا نَاظِرٍ لا يَطِيبُ

وَلَوْلاكَ مَا لَذّ طَعْمُ الفَخارِ
ولا راق برد العلاء القشيب

اترضى لمجدك ان لا يكون
لَنَا مِنْ عَطايَا المَعالي نَصِيبُ

فَلا يُقْعِدَنّكَ كَيْدُ الحَسُو
ود وانهض فكل مرام قريب

وحث الطلاب فانا نجد
وامض الامور فانا نتوب

وَلِمْ لا يَضِيفُ العُلَى مَنْ لَهُ
غَدِيرٌ مَعِينٌ وَمَرْعًى خَصِيبُ

لحَيّاكَ مِنّيَ، عِنْدَ اللّقَا
ءِ، خَلْقٌ عَجيبٌ وَخُلْقٌ أديبُ

وخلفتني غرس مستثمر
فَطالَ وَأوْرَقَ ذاكَ القَضِيبُ

ذَخَرْتُ لكَ الغُرَرَ السّائِرَاتِ
يعبر عنها الفؤاد الكئيب

تصون مناقبك الشاردات
ان تتخطى اليها العيوب

إذا نَثَرَتْهَا شِفَاءُ الرّوَا
ة راقك منها النظام العجيب

وَإنّي لأرْجُوكَ في النّائِبَاتِ
إذا جَاءَني الأمَلُ المُستَثيبُ