رِدِي مُرَّ الوُرُودِ وَلا تَعافي - الشريف الرضي

رِدِي مُرَّ الوُرُودِ وَلا تَعافي
فَمَا يَنْأى بيَوْمِكِ أنْ تَخَافي

فَطَوْراً تُعرَضِينَ عَلى زُلالٍ
وَطَوْراً تُعرَضِينَ عَلى ذُعَافِ

ومن يشرب بصاف غير رنق
يَرِدْ يَوْماً برَنْقٍ غَيرِ صَافي

غمست يديَّ في أمر فمن لي
وأين بنزع كفي وانكفافي

كَفَاني أنّني حَرْبٌ لقَوْمي
وذلك لي من الضراء كاف

حطمت صعادهم حتى استقاموا
مُجَاوَزَة ً بِهِمْ حَدَّ الثِّقَافِ

فَصِرْتُ لِذَمّهِمْ غَرَضاً رَجِيماً
يراموني بمثل حصى القذاف

وأكذب بالتصوّن مدعيهم
والجم فائليهم بالعفاف

وَلَوْ أنّي أطَعْتُ الرُّشْدَ يَوْماً
لابدلت التحامل بالتجافي

وَأغضَيتُ اللّوَاحِظَ عَنْ ذُنُوبٍ
وموضعها لعيني غير خاف

ولكن الحمية فيَّ تأبى
قَرَارِي للرّجَالِ عَلى التّكَافي

وانظر سبة وعظيم عار
رضايَ من المنازع بالكفاف

ولو أني رميت أصاب سهمي
ولكني أنقب عن شغافي

فما سهمي السديد من النوابي
ولا باعي الطويل من الضعاف

وَلي أنفٌ كَأنفِ اللّيثِ يَأبَى
شميمي للمذلة واستيافي

وقد عرف العدى وبلوا قديما
خطاي إلى المنايا وازدلافي

لي العزم الذي قد جربوه
يَقُدُّ مَضَارِبَ البِيضِ الخِفَافِ

وربط الجأش والاقدام ذل
يزلزلها الردى يوم الوقاف

وَقَدْ كَلّتْ صَوَارِمُهَا وَمَلّتْ
عرانين القنى من الرعاف

فعال أغر ريان العوالي
من الأعداء ملآن الصحاف

يُضِيفُ، فَلا يُمَيّزُ مَنْ يَرَاهُ
أمَارَاتِ المُضِيفِ مِنَ المُضَافِ

إذا عُدّ المَنَاقِبُ جَاءَ بَيْتي
يَجُرُّ ذُيُولَ أحسَابٍ ضَوَافي

أقِلّوا، لا أبَا لَكُمُ، وَخَلّوا
مطاعنة الأسنة بالأشافي

فَقَدْ مُدّتْ غَيَابَاتُ المَخَازِي
عَلى عَرَصَاتِكُمْ مَدَّ الطِّرَافِ

صفوت لكم فرنقتم غديري
وأي مضاغن رجع المصافي

وَيُوشِكُ أنْ يُقَامَ عَلى التّقَالي
أنابيب رجعن إلى التصافي

مضى زمن التمازح والتداني
وذا زمن التزايل والتنافي

لئن أعلى بنائكم اصطناعي
فسَوْفَ يَثُلُّ عَرْشَكُمُ انحِرَافي

أداوي دائهم فيزيد خبثاً
وليس لداء ذي البغضاء شاف

حَنَوْتُ عَلَيهِمُ وَلَرُبّ حَانٍ
على جان وإن بعد التلافي

فما قلبي وإن جهلوا بقاس
ولا حلمي وإن قطعوا بهاف

فما تغني القوادم من جناح
تحَامَلَ، إنْ قَعَدْنَ بهِ الخَوَافي

وعندي للزمان مسومات
من الأشعار تخترق الفيافي

قَصَائِدُ أنْسَتِ الشّعَرَاءَ طُرّاً
عوائهم على أثر القوافي

بوارد للغليل كان قلبي
يعب بهن في برد النطاف

أسُرّ بِهِنّ أقْوَاماً، وَأرْمي
أُقَيْوَاماً، بِثَالِثَة ِ الأثَافي