مقيم من الهم لا يقلع - الشريف الرضي

مقيم من الهم لا يقلع
وماض من العيش لا يرجع

ويوم اشم باقباله
وَيَوْمٌ بِإدْبَارِهِ أجْدَعُ

لأخفق من علقت بالمنى
يداه واثرى الذي يقنع

وما الذل الا خداع اللئيم
وَالحُرُّ بالذّلّ لا يُخْدَعُ

رَأيْنَا الرّجَاءَ عَلى نَأيِهِ
رِشَاءً، وَكُلُّ يَدٍ تَنْزِعُ

بليت وغيري لا يبتلى
بامرين ما فيهما مطمع

بدهر الوم ولا يرعوي
ومولى اقول ولا يسمع

وَإنّي، إذا ما اسْتَطالَ الزّمانُ
انجدني صاحب اروع

ونفس على صبرها مرة
وَقَلْبٌ عَلى رَأيِهِ مُجْمِعُ

أخُوضُ بِهِ كُلّ دَوّيّة ٍ
يزل بها الخف أو يظلع

بِكُلّ مُقَلَّدَة ٍ بِالنّسُوعِ
وَكَانَ عَلى غَيرِهِ يَدْمَعُ

يَصِيحُ الحَصَى تَحتَ أخفَافِها
فُنُوناً، وَيَصْطَخِبُ اليَرْمَعُ

واني لاوعب في جلدها
وَللرّكْبِ هَمْلَجَة ٌ زَعْزَعُ

أُقِيمُ وَخَدُّ الضّحَى أبْيَضٌ
واسري ورجه الدجى اسفع

وامضى اذا بلَّد المستغير
وهاب الثنية من يطلع

واشلي على المقربات السياط
إذا ضَمّهَا البَلَدُ البَلْقَعُ

وَأُورِدُهَا الخِمسَ في لُجْمِها
تبرض ما الفت تكرع

تَعَجّبُ مِنْهَا وُحُوشُ الفَلاة ِ
ة تسري واسرابها رتع

ارى النوم ينبو به ناظري
وكل العيون له مربع

وَمن ضَاقَتِ الأرْضُ عَن هَمّهِ
حَرٍ أنْ يَضِيقَ بِهِ مَضْجَعُ

لئن كان احزن بي منزل
فمن قبل امرع لي مرتع

على انني عند عض الزمان
صَفَاة ٌ يَضَنّ بِهَا المَقْطَعُ

لقد عاف امواله من يجود
وَقَدْ طَلقَ النّفسَ مَن يَشجُعُ

وابيض يوم الوغى حاسر
تردى بقائمه الدرّع

تَحُفّ مَضَارِبُهُ مَاءَهُ
كَمَا حَفّ وَادِيَهُ الأجْرَعُ

كَمَا هَزّتِ القَلَمَ الإصْبَعُ

وزغف تحدر عن بيضة
كَأنّ الأغَمّ بِهَا أنْزَعُ

يذلل لي سطوات الزمان
سيفي ومثلي لا يخضع

تطاولت للبرق لما سرى
وَعُنْقي إلى مِثْلِهِ أتْلَعُ

فما لي لا استعيد الجوى
وَقَدْ لاحَ لي بَارِقٌ يَلْمَعُ

وَأبْذُلُ قَلْباً بِأمْثَالِهِ
تَضَنُّ الجَوَانِحُ وَالأضْلُعُ

ألا إنّ قَلْبَ الفَتَى مُضْغَة ٌ
تضرّ ولكنها تتفع

وابلج اعددته للخطوب
طوداً الى ظله ارجع

كريم الوفاء امين الاخاء
باقٍ على العهد لا يقلع

سَرِيعٍ إلى دَعْوَتي في الأُمُورِ
انى الى صوته اسرع

جَلَوْتُ بهِ الدّمعَ عَنْ ناظرِي
وكان على غيره بدمع

وكفكفت عمن سواه يدي
وَكنتُ أرَى المَاءَ لا يُشْبِعُ

دَعَوْتُكَ يا نَاصِرِي في الهَوَى
وكان الى ودك المفزع

أتَاني أنّكَ طَوّحْتَ بالـ
ـزّيَارَة ِ عَنْ عَارِضٍ يَقْطَعُ

لقد نال شكواك من مهجتي
كما نال من عرقك المبضع

دَمٌ جَاشَ شُؤبُوبُه عَنْ يَدٍ
يُقَلّبُهَا البَطَلُ الأرْوَعُ

مفيض ولكنه غايض
وَخَرْقٌ وَلَكِنّهُ يُرْقَعُ

وَلَوْ أنّ لي فُسْحَة ً في الزّمَانِ
جَاءَكَ بي القَدَرُ الأسْرَعُ

وان غبت عنك فان الفؤاد
عِندَكَ مَا فَاتَهُ مَوْضِعُ

يَعُوجُ عَلَيْكَ فَلا يَنْثَني
وَيَشْرَبُ مِنْكَ فَلا يَنْقَعُ

واني لتعطفني المطعمات
عليك كما عطف الاخدع

وَلَوْلاكَ لمْ أعْتَرِفْ بالغَرَامِ
وَلا قيلَ إنّ الفَتَى مُوجَعُ

وَمَا فَضْلُ شَوْقيَ لَوْلا البُكَاءخ
ء والشوق عنوانه الادمع