هُوَ الدّهْرُ فِينَا خَلِيعُ اللّجَامِ - الشريف الرضي

هُوَ الدّهْرُ فِينَا خَلِيعُ اللّجَامِ
فَطَوْراً يُغِيرُ، وَطَوْراً يُحَامي

وإنّي أروّعه بالودا
عِ، حَتّى يُخَادِعَني بالسّلامِ

فَمَنْ عَرَفَ العَيشَ خَبّتْ بِهِ
عَزَائِمُهُ في طَرِيقِ الحِمَامِ

أُرِيدُ مِنَ الدّهْرِ حَظّ الجَبَا
ن لا قَدْرَ حظ الشّجاع الهمام

فأيّ منى ً لم يسمها نوالي
وَأيُّ عُلًى لمْ يَطَأها اعتِزَامي

قَطَعْتُ مُفَازَة َ هَذا الرّجَاءِ
ولكنّ جدي بعيد المرام

أُخَفّضُ عَزْميَ عَنْ رتْبَة ٍ
أُبَلَّغُهَا بالحُظُوظِ السّوَامي

لعاً لمناي وإن لم تصب
فَمَا عَثَرَتْ بِرَجَاءِ اللّئَامِ

وَمَا احتَشَمَتْ مِن يَدَيّ النّصُو
ل إلاَّ مهزة نصل كهام

ألَمْ يَشرَبِ الصّبرَ قَلْبي، وَلا انْـ
انثني مرحاً والعوالي ظوامي

ألم أسرِ في ليلها والعجا
جُ يُلْحِمُ بَينَ الرّعيلِ اللُّهَامِ

أُكَلِّلُ بالطّعْنِ يَوْمَ النّزَالِ
خُدُوداً تَشُفّ لِغَيرِ اللِّطَامِ

إذا عَصْفَرَ الخَوْفُ مَاءَ الوُجُوه
رآها من الدم حمر الوسام

عدوّيَ اقع على ذلة
فكم زلّ من أخمص عن مقامي

شَمَخْتَ عَليّ بِأنْفٍ رَأيْـ
ـتَ مَعْطِسَهُ دامِياً مِنْ زِمَامي

وأصبحت تعطو بعين الأبي
وَذِفرَاكَ مَقرُوحَة ٌ مِنْ لِجَامي

تَرُومُ ابتِزَازِيَ فَضْلي، وَذاكَ
إذاً فكّ أطواق ورق الحمام

أما يحلم الدهر في فتية
أماتوا الملام بجهل المدام

عُقَارٌ يُلاحِظُ مِنْهَا الكُؤو
سَ أفْوَاهُنَا بِجُفُونٍ دَوَامِ

وَأيّامُنَا مِنْ خُمَارِ الشّبَابِ
نشاوى تجر ذيول العرام

أُعِيذُكَ مِنْ خَجَلاتِ الهَوَى
إذا رَمَقَتْهُ عُيُونُ المَلامِ

وإن يرشف الهجر ماء الوصال
وَأن يَهتِكَ العُذرُ سُجفَ الذّمامِ

منحتك صدق ودادٍ يتوق
إلى رنقه كل هذا الأنام

وَكَمْ لَيْلَة ٍ قَبْلُ أُثْكِلْتُهَا
وَأثْكَلْتَهَا فيّ طَيفَ المَنَامِ

إلى أنْ بَدا فَجرُهَا مُسفِراً
يمزّق عنها فضول اللّثام

تخادعنا نفحات النّسيم
إذا عَبِقَتْ بحَوَاشِي الظّلامِ

وقد شملته شفوف الشّمال
وَرَصّعَ قُطْرَيْهِ قَطْرُ الرِّهَامِ

تَثُورُ إلَيْهِ سَوَامُ اللّحَاظِ
وتسرح من حسنه في مسام

وَلَوْ وَجَدَ الزّهْرُ وَجدي عَلَيْكَ
لاصْفَرّ فيهِ خُدُودُ الثَّغَامِ

ذَعَرْتُ الهُمُومَ بِخَطّارَة ٍ
تَسيلُ بهَا في قُلُوبِ الإكَامِ

تلثّم منسمها في الثرى
على الرّكض ميسم أيديَ النّعام

وأنكحت أخفافها سيرها
لعزم ولودٍ وأمر عقام

تخايل بين غريريَّة
زوافر تكسو الثرى باللغام

وماء وردت على كروها
وَعَرّجْتُ عَنْهُ قَتيلَ الأُوَامِ

مَرِيضِ المَشارِعِ مِمّا تُرِيقُ
عليه الرياح دموع الغمام

يخيّل لي أنَّ نجم السما
ءِ يَرْعَدُ في صَفوِ تِلكَ الجِمام

وَطِفْلَ الدُّجَى في حُجُورِ البِلا
د يطعم بالفجر مر الفطام

تزاحم أنجمه للأَفو
لِ، وَالبَدْرُ في إثرِ ذاكَ الزّحَامِ

ويهماء بالقيظ محجوبة
تُطالِعُنَا في هُبُوبِ السَّهَامِ

تعقّل شارد وهج الهجير في
في جَوّهَا بِخُيُوطِ السُّهَامِ

وبكر من القطر حتى كأنَّ ما
افتضها غير غيم جهام

مماطلة ركبها بالورو
د إلاَّ أذا حان ورد القطامي

قَطَعْتُ، وَكَالِئَتي هِمّة ٌ
إذا أسمَعَ الرّعبُ قالتْ: صَمامِ

وملتهب السّرد عاري الرما
ح مرتعد البيض دامي الحوامي

قَليلِ حَيا الرّمحِ عِندَ الطّعانِ
وَقُورِ الجَوَادِ سَفِيهِ الحُسَامِ

تطرز شمس الضحى بيضه
إذا انفَرَجَتْ عَنهُ سُجفُ القَتامِ

إذا سار فالشمس مستورة
ووجه الثرى بارز الخدّ دام

حللت حبى نقعه بالطرا
دِ لمّا احتَبَى فَرَسِي بالحِزَامِ

وإني شقيق الوغى والنّدى
رضيع لبان المعالي الجسام

إذا مضر ظلّلتني القنا
وسالت قبائليها من أمامي

لَبِسْتُ بِهَا جُنّة ً لا يُفَـ
ـضُّ مَسرُودُهَا بنِبَالِ المُرَامي