يا ديار الأحباب كيف تحولـ - الشريف المرتضى

يا ديار الأحباب كيف تحولـ
ـتِ قِفاراً ولم تكوني قِفارا؟

ومحتْ منكِ حادثاتُ اللّيالي
رغم أنفي الشموسَ والأقمارا

و استردّ الزمانُ منك " وما سا
ور " في ذاك كله ما أعارا

و رأتكِ العيونُ ليلاً بهيماً
بعد أن كنتِ للعيون نهارا

كم لياليَّ فيك هما طوالٌ
ولقد كنَّ قبلَ ذاك قِصارا

لِمَ أصبحتِ لي ثَماداً وقد كنـ
قِ فكنتمْ عنّا غفولاً حَيارى

ولقد كنتِ برهة ً لي يميناً
ماتوقعتُ أن تكوني يسارا

إنّ قوماً حلوكِ دهراً وولوا
أو حشوا بالنوى علينا الديارا

ياخليلي كنْ طائعاً ليَ ما دُمـ
ما أبالي فيكَ الحِذارَ فلا تخـ

لم يذوقوا الردى جزافاً ولكنْ
بعد أن أكرهوا القنا والشفارا

وأطاروا فَراشَ كلِّ رؤوسٍ
وأماروا ذاك النجيعَ المُمارا

إنّ يوم الطفوف رنحني حز
ناً عليكم وماشربتُ عُقارا

و إذا ما ذكرتُ منه الذي ما
كنتُ أنساه ضيق الأقطارا

و رمى بي على الهموم وألقى
حيداً عن تنعمي وازورارا

لستُ أرضى في نصركمْ وقد احتجْـ
ـتمْ إلى النّصر مِنِّيَ الأشعارا

و أقول الذي كتمتُ زماناً
و توارى عن الحشا ما توارى

قل لقومٍ بنوا بغير أساسٍ
في ديارٍ ما يملكون منارا

واستعاروا منَ الزّمان وما زا
لتْ لياليه تستردُّ المعارا :

ليس أمرٌ غصبتموه لزاماً
مَيُّ أنَّى لي أقصُرُ اليومَ عن كُلْ

أيُّ شيءٍ نَفعاً وضُرَاً على ما
عود الدهرُ لم يكن أطوارا ؟

قد غدرتمْ كما علمتم بقومٍ
لم يكنْ فيهم فتى ً غَدّارا

ودَعوتمْ منهمْ إليكم مُجيباً
كرماً منهُمُ وُعوداً نِضاراً

أمنوكمْ فما وفيتمْ وكم ذا
آمنٌ ، من وفائنا الغدارا

و لكمْ عنهمُ نجاءٌ بعيدٌ
ـضَى بأن بتُّ للأكارم جارا 

و أتوكمْ كما أردتمْ فلما
عايَنوا عسكراً لكمْ جرَّارا

و سيوفاً طووا عليها أكفاً
وقناً في أيمانكمْ خطارا

علموا أنكم خدعتمْ وقد يخد
عُ مكراً من لم يكن مكّارا

كان من قبل ذاك سترٌ رقيقٌ
بيننا فاستلبتُمُ الأستارا

وتناسيتُمُ وما قَدُمَ العهـ
ـدُ عهوداً معقودة ً وذمارا

و مقالاً ما قيل رجماً محالاً
و كلاماً ما قيل فينا سرارا

قد سَبرناكُمُ فكنتمْ سَراباً
وخَبرناكُمُ فكنتمْ خَبارا

وأردتمْ عزّاً عزيزاً فما ازددْ
تمْ بذاك الصَّنيع إلاّ صَغارا

وطلبتمْ ربحاً وكم عادتِ الأربا
حُ مابيننا فعُدْن خَسارا

كان ما تُضْمِرون فينا من الشَّرْ
رِ ضِماراً، فالآن عادَ جِهارا

في غدٍ تُبصر العيونُ إِذا ما
حلنَ فيكمْ إقبالكمْ إدبارا

و تودون لو يفبد تمنٍّ
أنَّكُم ما ملكتُمُ دينارا

لم يكونوا زيناً لقومهمُ الغرَّ
و لكنَّ شيناً طويلاً وعارا

وكأنّي أثنيكُمُ عن قبيحٍ
بمقالي أزيدكم إصرارا

قد سمعتمْ ما قال فينا رسول الله
يتلوه مرة ً ومرارا

وهو الجاعلُ الذي تراخَوا
عن هوانا من قومه كفّارا

و إذا ما عصيتمُ في ذويه
حال منكمْ إقراركمْ إنكارا

وغُرِرتمْ بالحلمِ عنكم وما زِيـ
ـدَ جَهولٌ بالحلم إلاّ اغترارا

وأخذتمْ عمّا جَرى يومَ بدرٍ
و حنينٍ فيما تخالون ثارا

حاشَ لله ماقطعتم فتيلاً
لا ولا صرتُمُ بذاك مَصارا

إنّ نور الإسلام ثاوٍ وما استطا
عَ رجالٌ أن يكسفوا الأنوارا

قد ثللنا عروشكمْ وطمسنا
بيد الحقّ تلكُمُ الآثارا

ثمّ قُدناكُمُ إلينا كما قا
دتْ رعاة ُ الأنعام فينا العشارا

كم أطعتمْ أمراً لنا واطرحنا
ما تقولون ذلة ً واحتقارا

كم لنا منكمْ جروحٌ رِغابٌ
وجروحٌ لمّا يكُنَّ جِبارا

و ضرارٌ لولا الوصية بالسلـ
ـمِ وبالحلم خاب اك ضرارا

صِدقكمْ بعد أن فَضحتمْ نِزارا 

وإِذا ما الفروعُ حِدنَ عن الأصـ
ـل بعيداً فما قَرُبْنَ نِجارا

إنّ قوماً دنوا إلينا وشبوا
ضَرَماً بيننا لهمْ وأُوارا

ما أرادوا إلاّ البوارَ ولكنْ
كم حمى اللهُ من أراد البَوارا

فإلى كم والتجرياتُ شعاري
و دثاري ألابس الأغمارا

قَسماً بالّذي تُساقُ لهُ البُدْ
نُ ويكسى فوق الستار ستارا

وبقومٍ أَتَوا مِنى ً لا لشيءٍ
ـنَ قبيحٌ سَعوْا إليه إحضارا

وبأيدٍ يُرفَعْنَ في عَرَفاتٍ
داعياتٍ مخولاً غفارا

كم أتاها مُخيَّبٌ مايُرجَّى
فانْثَنى بالغاً بها الأَوطارا

والمصلّين عندَ جَمْعٍ يُرجّو
ن الذي ما استجيرَ إِلاّ أجارا

وأعادَ الهجيرُ والقُرُّ والرَّوحا
تُ منها تحت الهجار هجارا

يا بني الوحي والرسالة والتطـ
ـهير من ربهمْ لهمْ إكبارا

إنكم خيرُ من تكون له الخضـ
ـراءُ سقفاً والعاصفاتُ إزارا

وخيارُ الأنيس لولاكُمُ فيـ
ـها تحلون من يكونوا خيارا ؟

و إذا ما شغفتمُ من ذنوب الـ
ـخلق طراً كانت هباءً مطارا

وأقاسي الشَّدّاتِ بُعداً وقُرباً
وأخوضُ الغمارَ ثمّ الغمارا

و أموراً يعيين للخلق لولا
أنني كنت في الأذى صبارا

أنا ظامٍ وليس أنقعُ أنْ أُبـ
ـصرَ في الناس ديمة ً مدارا

و طموحٍ إلى الخيار فما تبـ
ـصرُ عيني في الخلق إلاّ الشِّرارا

ليتَ أنّي طِوالَ هذي اللّيالي
نلتُ فيهنَّ ساعة ً إيثارا

و إذا لم أذق من الدهر إحلا
ءً مدى العمر لم أذق إمرارا

سالياً عن غروس أيدي الليالي
كيفَ شاءتْ وقد رأيتُ الثّمارا؟

أيُّ نفعٍ في أن أراها دياراً
خالياتٍ ولا أرى ديارا

وطردناكُمُ عن الكفر بالّلـ
ذب فيه أعيوا عليَّ السكارى

فسقى اللهُ مانزلتمْ من الأر
ض عليه الأنواءَ والأمطارا

وإذا ما اغتدى إليها قِطارٌ
فثنى الله للرواح قطارا

غير أنِّي متى نُصرتمْ بطعنٍ
أو بضربٍ أسابق النصارا

و إلى أن يزول عن كفيَ المنـ
ـعُ خذوا اليوم من لساني انتصارا

و اسمعوا ناظرين نصر يميني
بشبا البِيض فَحْليَ الهدَّارا

فلساني يحكي حُسامي طويلاً
بطويلٍ وما الغرار غرارا

وأُمِرْنا بالصَّبرِ كي يأتِيَ الأمـ
ـرُ وما كلُّنا يطيقُ اصْطبارا

و إذا لم نكن صبرنا اختياراً
عن مرادٍ فقد صبرنا اضطرارا

أنا مهما جريت في مدحكمْ شأ
واً بعيداً فلن أخافَ العِثارا

و إذا ما رثيتكمْ
بقوافيَّ سراعاً فمرجلُ الحيَّ سارا

عاضني الله في فضائلكم علـ
ـماً بشكٍّ وزادني استبصارا

وأراني منكُمْ وفيكُمْ سريعاً
كلَّ يومٍ ما يُعجبُ الأبصارا