عجبتُ لقلبي كيفَ يَصْبو ويَكلَفُ - الشريف المرتضى

عجبتُ لقلبي كيفَ يَصْبو ويَكلَفُ
وبردُ شبابى بالمشيب مفوّفُ ؟

أحِنُّ إلى مَن لا يَحنُّ وليتَه
" لمنْ كان محنوناً محبّيهِ " يعرفُ

يباعدُني عن كلِّ ماكنتُ أرتجي
ويُوسِعُني من كلِّ ما أتخوَّفُ

ويُمطلُني بالوعدِ منهُ وإنَّما
يماطلُ بالميعادِ مَن ليس يُخلِفُ

ويُصبحُ منِّي ساكنَ القلب والحَشا
وفى كلّ يومٍ منه قلبى َ يرجفُ

وقد كنتُ أغريتُ الهوى يوم " غرّبوا "
فعاد به " داعٍ " على الغصنِ يهتفُ

ينوح وقلبى للهوى دون قلبه
وعينيَ دمعاً دون عينيهِ تذرِفُ

ألا قاتل اللهُ الهوى فطلابهُ
متاعٌ من الدّنيا قليلٌ وزخرفُ

يرومُ الرِّضا مَن لا يدومُ على الرِّضا
ويطلب فيه النّصفَ من ليس ينصفُ

أقولُ لمرتاحٍ إلى الفضلِ والعُلا
يخُبُّ على ظهرِ المطيِّ ويوجِفُ

أنِخْ في ذُرا الشيخ الرئيسِ فإِنَّما
إلى مثله فى المجد كنتَ تشوّ فُ

إلى الغمرِ معروفاً وعلماً وسؤدداً
وبأساً إذا هاب الرّجالُ ووقّفوا

خلفتُ بما لفَّ الحَطيمُ وزَمْزَمٌ
وما ضمّهُ خيفا منًى والمعرّفُ

وشعثٍ أتوا عارين من كلّ " لبسة ٍ "
فعاذوا بأركان الإلهِ وطوَّفوا

لَهَنُّكَ أوْلانا بكلِّ فضيلة ٍ
وأعشقُ للمعروفِ فينا وأشعفُ

وأنّكَ لمّا أنْ جرى النّاسُ فى مدًى
" تلقّيتَ " فيه سابقاً وتخلّفوا

فيا أيّها القرمُ الرّئيسُ ومن له
على قِمَّة ِ النَّسْرَيْنِ في العزِّ موقفُ

ليهنكَ أنّ اللهَ " فوّقك " العدا
وقد طالعوا فيك الرّجاء وأشرفوا

وعاد إليهمْ " ناكياً فى جلودهمْ
من الكيد ماحدّوا ظباه وأرهفوا

ولم يغنهمْ - واللهُ حصنك منهمُ -
منَ القولِ زُورٌ لفَّقوهُ وحرَّفوا

وودّوا وقد طاشتْ إليك سهامهمْ
بأنَّهُمُ لم يفعلوا ما تَكلَّفوا

أَلا فاغفرِ الأجرامَ رِفقاً بأهلها
فللعفوا أولى بالكرامِ وأشرفُ

وحتّى يقولَ النّاسُ أسرف مفضلاً
عليهمْ كما قالوا أساءوا فأسرفوا

فللهِ ما تغضى وأصبح آمناً
غداً من تراه يومه يتخوّفُ

فلم يُعطَ مكنونَ الضَّمائرِ بيننا
من النّاس إلاّ المنعمُ المتألّفُ

وأمّا أبو سفيان فاشدد به يداً
ففى الكفّ منه إن تأمّلتَ مرهفُ

أليس الّذي واساك ودّاً بنفسهِ
ولم يثنهِ عنك العدوُّ المخوّفُ

ولمّا تعسَّفْتَ الطَّريقَ وجدْتَهُ
وراءك " منقدّاً " من النّاس يعسفُ

ومثلُكَ مَن يولي الحقوقَ رِعاية ً
وغيرُكَ لا يَرعَى ولا يتعطَّفُ

وإنّى ممّنْ لا يواليك رغبة ً
وأينَ منَ الرغباتِ مَن ليس يُنْطَفُ

وقد كنت لولا أنّ فضلك باهرٌ
أصدُّ إذا ماسيمَ مدحى وأصدفُ

فدونَكَ نَظْماً ما تكلَّفَ ناظمٌ
معانيهُ والحقُّ لا يتكلّفُ